- أنا أعمل مندوب مبيعات في شركة، ولم أستلم راتبي منذ 6 أشهر، فهل يحق لي خصم راتبي من المبالغ المتحصلة من الزبائن بالاتفاق مع الشركة؟
عرضت واقعة مماثلة أمام المحكمة الجنائية بخصوص موظف متهم باختلاس مبلغ 595 ديناراً من شركة كان يعمل بها مندوب مبيعات وتعرضت الشركة لأزمة مالية لم تسدد فيها للمتهم راتبه الشهري منذ توليه الوظيفة، فاتفق مدير التسويق مع المتهم أن يخصم راتبه من المبالغ المتحصلة من الزبائن لكن الشركة اتهمته بالاختلاس وأحيل للمحاكمة، وقضت محكمة أول درجة بإدانته، فتم الطعن على الحكم بالاستئناف، حيث قمنا بتقديم شهادة مدير التسويق، ودفعنا بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، حيث قضى الحكم بإدانة المستأنف دون أن يوضح توافر القصد الجنائي للجريمة المسندة إليه، وأشرنا إلى نص المادة 395/1 من قانون العقوبات «يعاقب بالحبس من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو سندات أو أي مال آخر منقول إضراراً بأصحاب الحق عليه متى كان قد سلم إليه على وجه الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو الوكالة».
ومن خلال نص المادة يتضح أن هذه الجريمة كونها من الجرائم العمدية فلابد وأن يتوافر فيها القصد الجنائي الذي يتحقق متى تصرف الحائز في الشيء تصرف المالك وهو يعلم أنه يتصرف في شيء ليس له عليه إلا الحيازة الناقصة وأن من شأن هذا التصرف إحداث ضرر بالغير، ولكن العلم وحده لا يكفي لتوكيد القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لأنها تتطلب قصداً خاصاً وهي نية الغش أي نية تملّك الشيء وحرمان صاحبه منه، وهو من الأمور الموضوعية التي يستخلصها قاضي الموضوع.
والقصد الجنائي للجريمة يعد مرحلة تالية لنشوئها أو على الأقل الشروع فيها إذا لا يتصور وجود قصد جنائي بدون وجود للجريمة ذاتها وفي دعوانا المطروحة على عدالة المحكمة انعدم القصد الجنائي تماماً لانعدام الجريمة ذاتها ذلك لأن القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة يقوم على قصد جنائي خاص وهو تغيير الحيازة على الشيء المسلم للجاني على سبيل الأمانة من حيازة ناقصة إلى حيازة تامة وأكثر من ذلك هو نية تملك الشيء المختلس المسلم للجاني بموجب عقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر في القانون.
المحامي عبدالرحمن القارئ.
{{ article.visit_count }}
عرضت واقعة مماثلة أمام المحكمة الجنائية بخصوص موظف متهم باختلاس مبلغ 595 ديناراً من شركة كان يعمل بها مندوب مبيعات وتعرضت الشركة لأزمة مالية لم تسدد فيها للمتهم راتبه الشهري منذ توليه الوظيفة، فاتفق مدير التسويق مع المتهم أن يخصم راتبه من المبالغ المتحصلة من الزبائن لكن الشركة اتهمته بالاختلاس وأحيل للمحاكمة، وقضت محكمة أول درجة بإدانته، فتم الطعن على الحكم بالاستئناف، حيث قمنا بتقديم شهادة مدير التسويق، ودفعنا بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، حيث قضى الحكم بإدانة المستأنف دون أن يوضح توافر القصد الجنائي للجريمة المسندة إليه، وأشرنا إلى نص المادة 395/1 من قانون العقوبات «يعاقب بالحبس من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو سندات أو أي مال آخر منقول إضراراً بأصحاب الحق عليه متى كان قد سلم إليه على وجه الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو الوكالة».
ومن خلال نص المادة يتضح أن هذه الجريمة كونها من الجرائم العمدية فلابد وأن يتوافر فيها القصد الجنائي الذي يتحقق متى تصرف الحائز في الشيء تصرف المالك وهو يعلم أنه يتصرف في شيء ليس له عليه إلا الحيازة الناقصة وأن من شأن هذا التصرف إحداث ضرر بالغير، ولكن العلم وحده لا يكفي لتوكيد القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لأنها تتطلب قصداً خاصاً وهي نية الغش أي نية تملّك الشيء وحرمان صاحبه منه، وهو من الأمور الموضوعية التي يستخلصها قاضي الموضوع.
والقصد الجنائي للجريمة يعد مرحلة تالية لنشوئها أو على الأقل الشروع فيها إذا لا يتصور وجود قصد جنائي بدون وجود للجريمة ذاتها وفي دعوانا المطروحة على عدالة المحكمة انعدم القصد الجنائي تماماً لانعدام الجريمة ذاتها ذلك لأن القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة يقوم على قصد جنائي خاص وهو تغيير الحيازة على الشيء المسلم للجاني على سبيل الأمانة من حيازة ناقصة إلى حيازة تامة وأكثر من ذلك هو نية تملك الشيء المختلس المسلم للجاني بموجب عقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر في القانون.
المحامي عبدالرحمن القارئ.