أ.فضيلة حماد - عضو برنامج كن حراً - جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية


جاء سليم مسرعاً لأبيه حاملاً في يده رسمة، رسم فيها كعكة جميلة وسط بستان من الورود، وكتب بجانبها «بابا عيد ملاد سعد» فرح الأب برسمة ابنه وشكره، ولكنه انتبه للأخطاء الإملائية في عبارة «بابا عيد ملاد سعد» فقال له يا بني إنَّ ملاد لا تُكتب هكذا، عليك أن تضع حرف الياء بعد الميم لتصبح «ميلاد» وكلمة سعد لا تُكتب هكذا يا بني، فضع حرف الياء بعد حرف العين لتصبح «سعيد».

شعر سليم بشعور غير جيد وتحدث في قرارة نفسه قائلاً هذه ليست حصة اللغة العربية فأنا فَرِحٌ بعيدِ ميلاد أبي وفرحتُ برسمتي التي جهزتها من ليلة البارحة وعبّرت بمحبتي التي أجدُ صعوبةً في التعبيرِ عنها، ولكنَّ أبي ركّز على اللغة أكثر من رسمتي، إذ إنه لم ينتبه إلى النحلة التي رسمتها، والتي وددتُ أن أعبِّرَ له لأقول له: عطاؤك متواصل يا أبي مثل هذه النحلة، كما أنه لم يُلاحظ الوردة ذات الألوان الزاهية التي تسرُّ مَنْ يراها، لأخبره إنَّ وجوده في حياتي يسرني، ولم يُلاحظ النجمة التي رسمتها ووددتُ أنْ أُخبره بأنه كالنجمة تضيءُ حياتي وتجعلها أجمل.

هذه قصة متخيلة ولعلها حدثت كثيراً في حياتنا كآباء ومربين فأحياناً ينتهز أبناؤنا مناسبة ما للتعبير عن مشاعرهم سواء بكلمات، أو برسمة، أو هدية، أو تصرف عفوي.

فمهما كانت نوعية وطريقة التعبير عن مشاعرهم إلينا، فمسؤوليتنا تتطلب منا قبولها والاستماع إليهم، ومنحهم فرصة لتكملة ما يودون التعبير عنه، لا أن نُركز على ما نراه خطأً في طريقة تعبيرهم، فقد نجد جمالاً في تعبيراتهم نأسف بعد ذلك ونتمنى لو أننا جعلناهم يكملون كلامهم، فهذه فرصة قد لا تعوض لبناء علاقة حب ومودة، وقد تؤدي خسارتها إلى الصمت والسكوت، وفقدان المبادرة وقد يجمد تعبير الأبناء من هذه اللحظة، وهنا قد تُفتقد ثقتهم التي يصعب علينا إرجاعها.

النقد والتصحيح مهمان للتطور وهو دورنا كآباء، وله أوقاته المناسبة، ولكن الأهم هو منح الأبناء فرصة التعبير عن مشاعرهم وصياغة الكلمات ببساطة لنعرف ما يختلج في قلوبهم ونساهم في منحهم فرصة التعبير عما في أنفسهم.