محمد إسحاق عبدالحميد
أحب اللغة العربية وأستمتع بتعلمها ودراستها بشكل كبير، ودرجاتي فيها، من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، عالية، ولا يكاد يمر كتاب عن اللغة والأدب والنحو إلا وتجد أن عندي نسخة منه أو تصوراً عن محتواه.
ولكن عندما جئت لمرحلة الاختيار وتحديد المسار بالجامعة نصحني كل من حولي بتجاهل تخصص اللغة العربية كونه تخصصاً متاحاً للطلبة الضعاف ولحملة كافة المعدلات الأكاديمية، وكانت النصيحة أن أختار أي تخصص هندسي أو تقني أركز عليه وأجعل من تخصص اللغة وشغفي بها على الهامش وفي أوقات الفراغ فماذا أفعل؟
سؤال يتكرر عند فئة من الطلبة المبدعين والمتميزين في مجال يعرفون كل أسراره وتفاصيله، ويقعون في الحيرة عند الاختيار لكثرة الأقوال والآراء التي تُثار حول ذلك.
والذي أراه أن التخصص الذي يملك الطالب فيه القدرة على الإبداع والتميز أفضل وأولى من تخصص لا يرغب فيه ويتم دفعه إليه غالباً بسبب ما يُشاع عن تلك التخصصات من فرص متاحة في سوق العمل والتي قد لا تتناسب مع قدرات ورغبات الطالب من الأساس.
والتخصص الذي تتميز فيه ستجد أنك حتى ولو لم تتح لك فرصة مباشرة بعد التخرج فلديك الكثير من الأفكار والمبادرات التي يمكنك عملها للعمل من خلال التخصص هذا وصناعة فرصتك الخاصة، بخلاف الذي دخل تخصصاً لا يحبه وهو مُكره على دراسته فكيف سيحقق الإبداع ويقدم فيه شيئاً للمجتمع.
فعلى سبيل المثال لو لم تتح للطالب خريج اللغة العربية أن يعمل مباشرة بعد التخرج فدخوله في مجال التدقيق اللغوي وتقديم خدمات التدقيق والكتابة أو التقوية أو تعليم اللغة لغير الناطقين بها متاحة بالتنسيق مع مؤسسات وجهات كثيرة في المجتمع.
ويمكن كذلك العمل في مواقع كثيرة عبر الإنترنت للعمل عن بُعد في خدمات الترجمة وتعليم اللغة العربية مثل موقع خمسات ومستقل وتطبيق TELP وغيرها من المنصات والتطبيقات التي هي بلاشك ستساعد الطالب على بدء مشواره المهني إلى حين حصوله على وظيفة مناسبة، وربما تساعده للوصول لمرحلة متقدمة تؤهله لفتح عمل خاص في تخصصه ومجاله.
والمجتمع أحوج ما يكون للمبدعين والمتميزين في شتى المجالات والذي سيكون لهم الدور في تقديم مبادرات نوعية وعلم غزير وتميز في مجالاتهم وتخصصاتهم ويسعهم الوصول لأعلى المستويات العلمية.
وخير للإنسان أن يسير في نطاق تميزه وقوته على أن يسير في مجال لا يعرف إلى أي مستوى سيصل فيه.
والتفرغ لمجال واحد ستحقق فيه نسبة إبداع وتميز عالية خير من تشتيت تركيزك على أكثر من مجال وتخصص من الصعب أن تُحقق فيهما شيئاً يذكر.