عائشة البوعينين - مدرب تربوي وكوتش أخصائي سعادة ومرشد أسري
يجتهد الآباء جميعهم في تربية أطفالهم فيواجهون الكثير من المصاعب والمواقف في سبيل الوصول بأسرتهم إلى بر الأمان وما أن يمر الوقت ويكبر الأبناء يكتشف الكثير من الآباء أموراً لم تكن في الحسبان فتراهم يُصدَمون ببعض التصرفات التي تجعلهم يشعرون أن عمرهم ضاع هباءً منهم كمن كان يجري في الاتجاه الخاطئ وذلك ليس بسبب تقصير متعمد منهم وإنما للقصور في المعرفة فالتربية فن ومهارة ينبغي تعلمها والتدرب عليها وكذلك لا ننسى أهمية الاستعانة بأهل العلم والخبرة فيما نجهل.
وفي هذا الصدد، حدثتني إحدى الزميلات عن حب والدتها وتفضيلها لها.. وتذكر لي عبارة دائماً ما تقولها والدتها لها «ليتني ربيت أخواتك مثلك» وذلك بسبب سلوكياتهم اللامسؤولة واللامبالاة. وهنا يطرح السؤال نفسه لمن فاته الأوان.. ماذا لو استطعت إعادة تربية أطفالي مجدداً؟
ويولد أطفالنا كالصفحة الناصعة البياض لا تشوبها أي شائبة لكن مع رحلة التربية الصعبة قد نمارس أخطاء غير متعمدة لكن آثارها لا تظهر إلا على المدى البعيد وهنا سنذكر بعضاً منها:
أولاً: الفلوس ما تهمنا، الغالي يرخص لك، طلباتك أوامر.. هذا الكلام لا يعني أن نكون بخلاء ولا حتى أننا ندخر أموالنا دون أن ندخل السعادة على أطفالنا فهذا من الأخطاء الفادحة مما يكون لدى الطفل نظرة أن النقود مجرد أداة سهلة لتحقيق أمنياته دون أن يتعلم معنى الجد والاجتهاد والصبر للوصول إلى ما يريد مما سيفقد الأسرة القدرة على السيطرة على هذا السلوك مستقبلاً.
ثانياً: دموعك غالية، قلبي يعورني ما أتحمل، هذه العبارات تنتج طفلاً مدللاً استغلالياً غير قادر على تحمل المسؤولية كذلك سيستخدم الطفل هذا السلاح دائماً لتُنفذ له جميع طلباته وهنا يأتي دور الأبوين في فرض السيطرة وعدم الانصياع أو الخوف من نظرة الآخرين، فهم لن يحملوا الهم معك عندما يكبر أطفالك.
ثالثاً: اسمع كلامي ترى بضربك، أكل غداك إذا كنت تحبني. التهديد المستمر والحب المشروع تجعل من أطفالنا في حالة خوف مستمر من كل شيء حوله فيصير شخصاً مهزوزاً خاضعاً لأي شخص يهدده أو يبتزه بدءاً من العلاقات المحيطة به انتقالاً إلى وظيفته والمسؤولين عنه.
همسة أُسٌ
يرزقنا الله في حياتنا الأسرية الكثير من الفرص لكن القليل من يغتنمها، ومن أهمها السنوات الأولى من عمر أطفالنا خصوصاً السنوات الأولى من حياة الطفل فهي كفيلة أن تشكل مستقبله ولهذا نحن نملك فرصة واحدة فقط للقيام بذلك على نحو سليم بسبب تطور مخ الطفل بشكل هائل حيث تتشكل روابط جديدة بين الخلايا العصبية بمعدل يصل إلى مليون رابطة جديدة في كل ثانية وهذا المعدل لن يتكرر في أي مرحلة عمرية بعد ذلك حسب الدراسات العلمية.