أميرة صليبيخأدركتنا سنة 2023 قبل أن نستوعب 2022 ونهضمها تماماً. باغتتنا الأيام دون أن نواكب سرعتها أو نستعد لها جيداً، وكأنها قبضة من رمال تسربت من بين أيدينا، والحقيقة هي أننا نعيش ماراثوناً شرساً ما بين الأيام، لذا علينا أن نقف قليلاً مع أنفسنا في بداية هذا العام لتقييم جودة حياتنا ومختلف جوانبها، حتى لا تتكرر عثرات السنة الماضية ويتبعثر العمر الجميل من دون وعي.نحن كبشر عبارة عن مجموعة أيام، إذا فككناها صارت ساعات فدقائق فثوان، وأطول عمر نعيشه يبدأ منذ لحظة ولادتنا ثم تأخذ الأيام في التناقص، لن نزيد من أعمارنا يوماً إضافياً ولكن نستطيع دائماً أن نضيف إلى حياتنا حياة وسعة إذا أوجدنا لأنفسنا هدفاً سامياً نعيش من أجله.بالنسبة لي لم تكن 2022 سنة الإنجازات الكبيرة بقدر ما كانت سنة البحث عن معنى حقيقي للوجود، وعن بعض السعادة التي تأتي من الداخل، وقد قادتني الصدفة لهدف جديد من خلال رحلة البحث هذه.طيلة حياتي كنت أحاول أن أصنع الفرق في حياة الآخرين وأترك أثراً إيجابياً يعينهم في رحلتهم على هذا الكوكب، وكنت أفرح عندما ألمس هذا التغيير عليهم، لكن الشعور بالسعادة يبقى مؤقتاً ويختفي بعد فترة، ويطفو إلى السطح هاجسي الأكبر وهو أن أنسى بعد موتي، وألا يبقى لي أثر.قادتني مجموعة ظروف وأحداث للتحول من عالم البشر إلى عالم الحيوانات التي لا حول لها ولا قوة، تلك التي لا تستطيع أن تخاطبك وتقول لك أطعمني، أو أحتاج بعض المال لشراء بطانيات للشتاء القارس!هناك وجدت معنى السعادة الحقيقية في محاولاتي لإسعادها بمختلف الطرق؛ ففي عالم الحيوان أنت محبوب ما لم تثبت لها العكس، وجميع الحيوانات تحبك بمقدار ما تحبها وتطعمها، جميع الحيوانات بحاجة لك، وربما هذا أحد أعظم الأهداف التي يتبناها أي إنسان يرغب في تهذيب نفسه وجعلها أكثر رحمة وتعاطفاً مع الآخرين وأكثر سعادة.فعندما أفكر في البشر أجد أن الغالبية تنتظر شعوراً ما من طرف ثانٍ، سواء كان محبة، أو اهتماماً، أو تقديراً، أو ثناءً، أو انتباهاً وغيرها، ويختل توازنهم العاطفي ما لم يلبوا هذا الاحتياج من الآخر الذي -على الأرجح- لن يمنحهم قطرة شعور.على عكس الحيوانات التي تمنحك الحب والسعادة اللا مشروطة، مقابل اهتمامك بها، بالإضافة إلى الأجر العظيم من الله، وهو في النهاية أعظم هدية تقدمها لنفسك.لذا في 2023 قررت أنه سيكون من الجيد لو خصصت مزيداً من الوقت للاهتمام والعناية بالحيوانات الهائمة في الشارع، أو قرب الحي السكني أو في أي مكان على هذه الأرض، لأن رؤية حيوان سعيد بعد شربة ماء وبعض الطعام إنما هي خير تأكيد أن الإنسانية والرحمة لا تزال موجودة بداخلك؛ فالراحمون يرحمهم الله، وبالرحمة والحب تصبح كل الأشياء أجمل وأكمل.وأنت أيها القارئ جرب أن تضيف هذا الهدف إلى قائمة أولوياتك، وانتظر التغيير المدهش الذي سيحدث لك!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90