رئيفة عبدالعزيز
الإنسان بطبيعته يحب التغيير في أغلب جوانب الحياة، وخاصةً إن كان ذلك التغيير قد يحسن ويطور من حياته ويجعلها أفضل من السابق، ونجد الكثيرين يطمحون ويسعون لتحقيق ما قد يجعل حياتهم أفضل ويأخذها إلى مجرى آخر، ذلك الذي كان حلماً عظيماً بالنسبة لهم في يوم من الأيام، ولو تعمقنا في النظر إلى من حولنا لوجدنا أنّ سعيهم مجهد ومتعب جداً نسبةً للتغيير الذي يطرأ على حياتهم، وذلك بسبب أن المجتمع كله يفكر بنفس الطريقة ويتكلم ويعمل وينتج بالطريقة نفسها، فلذلك هم متشابهون في كل شيء، حتى في طريقة سعيهم والتغيير الذي يحدث في حياتهم، وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي يحدثونها فإن ذلك يبدو لهم هو الشيء الطبيعي لمسيرة الحياة، وهم يرددون «هذه هي سنة الحياة»!!!

نعم هي سنّة الحياة في السعي المستمر وعدم الاستسلام، ولكن هناك حقيقة لا يراها ولا يعيشها إلا القليل من الناس، تلك الحقيقة التي يكمن في عمق إدراكها سر الحياة الطيبة، تلك الحقيقة الرّبانية التي لا ينكشف سرّها إلا لمن يستحقها، فكما جاءت في قول الحقّ سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم». إن أغلب الناس يريدون لحياتهم أن تتغيّر إلى الأفضل ولكنهم لا يريدون أن يغيّروا ما بأنفسهم، رغم أن الآية توضح أن التغيير الخارجي لن يحدث حقيقةً إلا بالتغيير النفسي، ولكنهم اختاروا أن يتجاوزوا الحقيقة الأولى ويعملوا بالثانية، تماماً كالذي يجدّف بقاربه في وسط الصحراء!!! فلن يصل إلى مكان ولن يتغير شيء إلا إن غيّر موقعه، فوضوح هذه الآية كوضوح الشمس، ولكنّ حقيقتها مخفية عن الكثيرين، فقد غيّب الله سرّها عنهم ولن تنكشف لهم حتى يعملوا بها، والعمل بها يبدأ من إدراك المسؤولية الفردية، فإن أدرك الإنسان مسؤوليته تجاه نفسه حقاً، وعرف أنهُ وُلد وحده وسيموت وحده وسيحاسب وحده، فسوف يعرف كيف يتغيّر وحده وكيف يعيش وحده وكيف يتفرّد وحده وكيف يستمتع بالتغيير الحقيقي الذي سيستشعرهُ وحده والذي يوافق التغيير الذي سنّهُ الله سبحانه لعباده وحده.