أميرة البيطار


جاءت في الآية الكريمة في كتاب الله عز وجل: «واشدد به أذري»، وكان يتكلم عن الأخ، ولكن عندما يكونون كثرة «إخوان وأخوات» ولكن ليس بالدم، بل تحولت الصداقة والمعرفة إلى أخوّة كعبارة: «ربَّ أخ لك لم تلده أمك».. نعم نقابل ونجد الكثير من الأصدقاء والصديقات من تنطبق عليهم تلك العبارة أو تلك المقولة.. وأكبر مثال لأعظم صداقة كانت الصداقة بين الرسول الكريم والصدّيق رضي الله عنه وأرضاه.

فلنحتذِ بهما ونجعلهما المثال الأبر والأعظم، تلك الصداقات التي تكاد أن تذهب بنا إلى عنان السماء والدخول إلى جنات النعيم عندما ينادي ويناجي ربه أريد أن أصطحبه معي في عالمي الأبدي.. يا الله.

ولكن كيف نبني هذه الصداقات ونحافظ عليها؟

الصداقة من الكنوز التي يجب أن يحافظ عليها الإنسان إن رزقه الله بها، وبالتالي يجب أن يعمل على أن يكون دائماً شخصاً يستحق الصداقة، ذلك المكان المسمى بالكون هو حقيقة لا يمثل شيئاً دون تعارفنا، لا أحد يستطيع أن يعيش وحيداً حتى وإن ادعى جبروتاً أن الجلوس وحيداً يريحه فلا للمرء قيمة في وحدته. فالوطن ليس الدولة التي تعيشها تحت مسميات دبلوماسية فقط، ولكن يكون الوطن المكان الذي أعمل به وأحياناً يكون المكان المحاط بمن أحبهم ويحبونني كما يمكن للوطن أن يكون صديقاً. من الممكن ألا تكون اجتماعيّاً تكوّن صداقات بالمئات لكن على الأقل هناك صديق أو صديقان في حياتك وهؤلاء هم بذرة الصداقة، وقد تكون فكرة فقدانهم تعرضك للتهشيم النفسي. لذلك علينا الحفاظ جيداً عليهم وهناك خطوات أساسية يجب اتباعها كي لا تقع في ذلك الفخ.

1- تجنب الأحاديث الثنائية وثالثكم وموجود:

وهذا ليس بكلامي ولكنه كلام أشرف الخلق عندما قال صلوات الله عليه: «إن كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر» فتلك تضع غصة في القلب لا يشعر بها إلا من استثنى منكم.

إن كنتم ثلاثة أو أربعة أصدقاء فلا تتغامزوا بإشارات يفهمها اثنان فقط، فتلك اللحظة كفيلة بأن تجعل ثالثكم يتأكد بأنه ليس منكم وأنه في المكان الخطأ.

2- لا تستمع لأحد.. تأكد من صديقك أولاً:

قد يأتي صديق من بعيد يخبرك بموضوع في حديثه سأقول لك موضوع خاص بصديقك (....) على سبيل المثال لا تخبر صديقك بأني قلت ذلك. لا تعطه ذلك الوعد بل استمع إليه وبعد أن تستمع إليه أخبره بأنك ستتأكد منه وإن ظهر بأن الكلام غير صادق فسأخبره بأنك من قلت ذلك فإن كان الطرف الآخر كاذباً سترى تراجعاً كبيراً في كلامه وحينها ستتأكد بأنه كاذب وبناء عليه سيخرج الشخص السام من بينكما إلى الأبد بلا رجعة.

3- بعض الأصدقاء يجب خسرانهم:

عليك أن تخسر هؤلاء الذين لا يخلو حديثهم من الذم وإظهار عيوب الأصدقاء الآخرين فهو يفعل المثل مع الآخرين عليك.

عليك فقدان هؤلاء الأصدقاء الذين ينقلون الكلام الخبيث عنك.

فقدان الذين لا يقدرونك واجب، فالصداقة مفيدة لمن يعرف قيمتك. واستهانة بذاتك لمن لا يقدّر قيمتك.

الصديق الذي يحبطك. نعم البشر مفيدون لكن لا تدعهم يسلبون عزيمتك.

من ينتقص منك ويتعمد لفت نظر النساء على حساب شخصيتك.. فقلب النساء لا يتغير.

صاحب القلب الكريه لا يتغير، فالكره مرض مُعْدٍ ينتقل بصداقة الشخص الكريه.

الشخص الحاقد سينتظر خيباتك فلا تدعه يفسد لحظات سعادتك مع أصدقائك ومن تحب. ففي الأمثلة يقولون «من قال لك قال عليك».

4- لا تصدق الكلام حتى ولو اعتقدت أنه صحيح:

إن ظهر عليك الاقتناع بموضوع يفرّق بينك وبين صديقك فذلك يجعل الطرف الآخر قد انتصر. لا تظهر تلك المشاعر أمامه. حتى لا يشعر بأنه انتصر في تفرقتكم ولو حتى لدقائق معدودة.

5- البشر خطاؤون وصديقك كذلك.. تذكر ذلك:

علاقات الصداقة لابد أن تمر بمحن كثيرة ويجب أن تتهاون في بعض الأخطاء وأن يتهاون الآخرون معك أيضاً، علينا ألا نكون قصَّابين في الحكم على بعضنا. لابد من ذلك فكلما رجعنا لشريعتنا وديننا رجعنا بالحل. «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».

6- إذا ابتعد صديقك فجأة فاسأله عن السبب:

قد يبتعد صديق مقرب لك فجأة وتصبح العلاقات بينكما هي عبارة عن سلامات وأحاديث مقتضبة وقد تنتهي تلك الصداقة للأبد حين يمرّ أحد بجانب الآخر في إحدى المرات ويدعي تجاهله. تقدم في بداية ابتعاده واسأله عن سبب بعده عنك فقد يكون ضحية «فلان أخبرني عنك كذا».

7- استخر قلبك حين تظن بأنك لا تستطيع الغفران:

إن لم تستطع الغفران لشخص عزيز أذنب في حقك فما عليك سوى أن تستخير قلبك وتنظر إلى نفسك إن كنت تستحق ذلك الفعل أم لا ولا تحاسب الآخرين على شيء يضرهم. اكتفِ بالنصح. القلب دلالة الروح ومرشدها فمتى قال قلبك اغفر غفرت وقال ذلك رسولنا الكريم. فاستفت قلبك مرة واستفت نفسك ثلاث مرات فالبر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، ويقصد به صاحب القلب السليم وليست النفوس والقلوب المريضة التي تحمل الضغائن للآخرين.

8- إذا غفرت في النقطة السابعة وتكرر الخطأ فلا تغفر مرة أخرى.

القلب الطيب الهيّن الليّن يحبه الله لكن لا يحبه البشر، كن ليّناً إلى حد القوّة دون انكسار، فالصداقة علاقة ثنائية متى ما حاولت عدم فقدانها من طرفك فلابد للطرف الآخر أن يحافظ عليها أيضاً ويقدم تنازلات أيضاً، فالتنازل مع أشخاص لا يتنازلون يجعلك محط مصلحة ووجودك يعد تحصيلاً حاصلاً.

9- تجنب النصح الحادّ في العلاقات العاطفية:

لا تُعطِ نصائح بطابع قوي قد يفهمه الصديق الآخر على أنك تملي عليه ما يفعله أو أنك من تعيش قرارته بنفسك ومن الأفضل أن تدعه يتصرف مع كافة المواقف بنفسه لأنك إن أخطأت ووقع شيء يؤدي للانفصال ستكون أنت المتهم الحاقد الوحيد؛ لذلك ابتعد بمسافة عن النصح في العلاقات العاطفية الخاصة بصديقك المقرب.

10- ولا تغضب لا تتسرع

نهي لكلمتين من أقوى الأفعال البشرية التي تدمر العلاقات الجميلة المبنية بحب القرارات السريعة تكلفك ملايين من لحظات الندم فتريّث حينما يحدث موقف يثير سخطك من صديق وانتظر على الأقل ليلتين وبعدها أصدر الحكم النهائي.

وأخيراً.. لا تجعل أحداً يهنأ بسعادة الفرقة فمثل هؤلاء البشر شياطين. الوقت لا يمثل عائقاً بل العائق الحقيقي هو أن تصل لسن الكبر ولا تجد صديقًا لك. أن ينتظر الجميع موتك لأنك عائق كبير في السن. نحن كالأرض لا تمثل شيئاً دون أن تشغلها بمبانٍ او تزرعها أو تقيم مشروعاً، كذلك هي حياتنا لابد من استغلالها بمن حولنا من أصدقاء.

الصداقة ليست سهلة وبدايتها دائماً رائعة واستمراريتها نضال والمحافظة عليها شرَف، فمتى فقدت جزءاً من علاقتك بصديقك فقدت جزءاً من روعتك ونضالك وشرفك، دامت حياتنا نضالاً وحباً مادامت لها أسس ثابتة.