عائشة البوعينين - مدرب تربوي وكوتش أخصائي سعادة ومرشد أسري

ابني طمّاع لا يشبع ولا يقنع مهما قدمت.. كثير التذمر فيكرر ويقول الناس كلهم سافرت إلا أنا، كلهم عندهم إلا أنا وغيرها من العبارات التي تتردد في المنزل، مع مقارنة حياته بالآخرين تشتكي إحدى الأمهات هذا الابن غير القنوع الذي حوّل حياة أسرته ووالديه إلى جحيم، فمهما قدموا له من عطاء ومهما قاموا بتوفير كل متطلباته، إلا أنهم لن يحصلوا على رضاه ومع مرور الوقت تزداد صعوبة التعامل معه دون فائدة.

طبعاً من شب على شيء شاب عليه، لذلك من الضروري أن نغرس قيمة القناعة في نفوس أبنائنا خصوصاً مع كثرة المغريات التي يراها الابن بشكل يومي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فالقناعة هي السعادة والرضا بما نملك مع الطموح للأفضل والسعي للحصول عليه. رضا الابن بقسمة الله له تجعل منه شخصاً سعيداً يعيش بسلام وراحة مع الناس من حوله مع الحرص على تدريب الابن أن يكون إيجابياً متعاوناً مع الآخرين.

الجشع الدائم والدلال الزائد سيجعل من الابن فريسة للأمراض النفسية، لذلك لابد من الإشارة بأننا قدوة لأبنائنا فأفعالنا خير ترجمة لأقوالنا فنشأة الابن على القناعة مرتبطة تماما بسلوك الوالدين فلو أحسنوا التصرف ورضوا بما قسمه الله لهم دون تذمر وشكوى من مصاعب الحياة أمام الأبناء نشأوا على ذلك السلوك بالقدوة.

ولا ننسى الوصية النبوية في الحديث الشريف «مَن أصبحَ منكم آمنًا في سربِهِ، مُعافى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ، فَكَأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا» فهو ملك يومه بتلك النعم.

عندما نرسخ قيمة القناعة في سلوك أبنائنا ننقذهم من الأمراض الاجتماعية مثل الحسد والكراهية والأنانية، ونستطيع استغلال المواقف اليومية في حياتنا فعندما نرى أحداً محروماً من نعمة ما مثل الصحة والمال نذكر أبناءنا بفضل الله علينا ونتفكر في رزقه لنا، كذلك يمكن استغلال القصص التي تتحدث عن تلك القيمة مما سيساعدهم على فهمها من خلال شخصيات القصة مع ضرورة إظهار الوالدين مشاعر الرضا عن وضعهم وبما أعطاهم الله على الرغم من الضغوط التي تواجههم، وعندما يشاهد الوالدان نعم الآخرون لا بد من الدعاء لهم بالبركة ومشاركتهم فرحهم وسعادتهم مثل قول بعض العبارات «اللهم بارك لهم – ما شاء الله».

همسة أس

القناعة حصن وأمان للصحة النفسية لأبنائنا مع ضرورة التوضيح لهم أن القناعة نوعان منها السلبي المذموم الذي يعني الاستسلام والرضوخ للواقع، والإيجابي الذي يعني الرضا بقسمة الله مع الطموح والأمل والسعي والعمل لحياة أفضل.