روان زهير
حذروا من تدخل أطراف خارجية في أسرار ومشاكل الأسرة

أكد مختصّون، أن الطلاق المبكّر قد يكون خياراً ناجحاً إذا استحال التفاهم والانسجام بين الزوجين، كون ذلك أفضل من أن يكون بعد إنجاب الأطفال، مشيرين إلى أن اختلاف التربية وسوء الاختيار أبرز أسبابه.

وبيّنوا لـ«الوطن»، أن ارتفاع حالات الطلاق المبكّر في الأعوام الأخيرة، يعود بشكل رئيس إلى الاختلاف على الأمور المالية، وقِصَر مدة الخطوبة والصراع حول المسؤوليات.

وأكد الدكتور أحمد خليل أخصائي نفسي ومستشار زواج، أنه ليس هناك سلوك من غير سبب، وأن الطلاق هو سلوك أو قرار يجب أن تكون هناك عوامل كثيرة أدّت إلى الطلاق.

وأوضح أن الطلاق المبكّر منتشر جداً في الأيام الأخيرة إلى حد بعيد في منطقة الشرق الأوسط عموماً، ولكن الطلاق المبكّر من خلال الحالات التي نلاحظها تتمثل أسبابها في عدم وجود التوافق الفكري، وغياب قنوات التواصل بين الزوجين ومعظمها يكون فيها حب السيطرة، إلى جانب التصارع بين الأدوار، وعدم التعامل الفوري مع المشاكل التي تحصّل بينهما.

وقال خليل: «من أبرز أسباب الطلاق المبكّر عدم النضج النفسي والانفعالي بين الزوجين ويكون سببها الاضطرابات النفسية الذي ينتج سلوكه غير السوي، كما توجد حالات طلاق مبكّرة بسبب الخيانات المتكررة والتي انتشرت حاليا للأسف، وأصبحت الخيانة ظاهرة منتشرة على السوشل ميديا».

وأوضح أنه مع تقدّم التقنية باتت الفتيات تستقبلن تستقبل الأفكار السامة من مصادر غير موثوق فيها أو من مصدر غير علمي أو تربوي، منبّهاً إلى أن هذا الجيل لديه مشكلة كبيرة جداً، أهمها عدم تحمل المسؤولية، ما يجعله عرضة لضغط الأهل أو تقليد أحد الأقارب أو الأصدقاء، وهذه كلها عوامل للطلاق المبكّر.

ولفت إلى أن هناك كثير من الآثار قد تؤثر على المستوى النفسي والاجتماعي والديني والمستوى المادي، وقد تكون المشكلة أكبر إذا كان يوجد أطفال وقد يؤثر الطلاق على نفسية الطفل وكل هذه العوامل تؤثر في صحة الشخص نفسياً وجسدياً.

من جانبه، ذكر المحامي عبدالله الحداد أن الحديث عن الطلاق المبكّر يكثر هذه الأيام باعتباره مؤشّراً على خلل ما في المجتمع، وكأن المشكلة فقط في الطلاق المبكّر وليس في الطلاق بشكل عام، علماً أن الطلاق في حدّ ذاته ليس مصيبة أكثر من بقاء الطرفين وهما على خلاف مستمر ووضع نفسي مأزوم وبقاؤهما تحت سقف واحد.

وتابع: «من المعلوم لدى المجتمعات الإسلامية وربما كافة المجتمعات -عدا من يعيشون في ظل مفهوم الليبرالية- أن الأُسرة أساس المجتمع، وإن حدث ضرر فيها تضرّرت أركان المجتمع كافة».

وأشار إلى أن الطلاق المبكّر يكون بسبب عدم التفاهم أحياناً، وأحياناً أُخرى بسبب اختلاف منشأ أو تربية كل منهما، وأحيانا لعدم احترام الزوج لزوجه أو لتدخّل أّسرة أيّ طرف ضد الطرف الآخر أو للتعبئة المضادة ضد الآخر أو لاختلاف مستوى التعليم بما يُحدث نوعاً من الغرور أو شقة التفاهم وهما مازالا في بداية الطريق ولم تقوَ اللحمة بعد بينهما أو لم يعتد أحدهما أو كلاهما على تحمل المسؤولية.

وذكر الحداد أن الطلاق رغم صدمته، إلا أنّه يفتح الطريق لكلّ طرف حتى يبدأ مسيرة جديدة مع شريك آخر وخصوصاً إذا لم يترك وراءه أطفالاً صغاراً لأن ذلك يسمح لدائرة حرية الاختيار للشريك الآخر أن تتوسّع فيقلّ العبء على الكاهل.

وأوضح الحداد، أنّه يُشترط المحبّة والمودّة بالزواج الناجح حتى تهيِّئ لخلق النسل في بيئة إيجابية سليمة، باعتبار أن الزوجين هما في الأصل من نفس واحدة كلُّ نصف يتوق للآخر.

ولفت إلى أن هذه الشروط المطلوبة قد لا تتوافر لدى الجميع لأسباب عدة، منها من تربّى في بيئة سلبية أو تعوّد على الكذب أو السرقة أو التطلّع غير المشروع أو تعوّد على عدم كبح جماح النفس عند الرغبة في ملك الغير، أو التعوّد على الحسد وعمل الموبقات، ما يجعل هذا النصف متى ما أراد أن يتزاوج مع نصف آخر سليم المنشأ أصيل في تربيته خافض الصوت جميل المعشر قانعاً بما أعطاه الله، فمن الطبيعي أن يبدأ النفور منذ بداية الارتباط وأحياناً تظهر تلك العيوب بعد حين من الزمن قد تطول فيبدأ الشقاق حتى تنفجر النفس بما صبرت عليه فيبدأ مشوار الفصل والطلاق.

وبيّن أن اختلاف تربية القيم هي نفور يؤدي إلى الطلاق، إذا لم يكافح الزوجان بإزالة عوامل الشقاق والاختلاف حتى يعيدا اندماج الاثنين داخل النّفس الواحدة وقد يكون الطلاق بسبب فهم المسؤولية بشكل مُغاير لما أراد الله سبحانه وتعالى، فأحياناً فهم الزوج عن مفهوم رب الأسرة، مغاير لما يريد سبحانه وتعالى في الزواج، فرَبّ الأُسرة ليس السيد الآمر والناهي المُطاع في الصحيح والخطأ إنما المقصود هو أنه رُبّانُ السفينة المسؤول عن الإبحار بالأُسرة للشواطئ الآمنة عند الشدائد وبروز الاختلافات الطبيعية أو خلافات الرأي.

ولخصَّ أسباب الطلاق المبكّر في معاشرة أصحاب السوء، وعدم تقدير الزوجة للزوج ومنحه الاهتمام، وعدم التّسامح والإغتفار بين الطرفين، وتدخّل الأطراف الخارجية في أسرار أو مشاكل الأُسرة، وعدم الإشباع النفسي والمادّي من الزوج لزوجه.

وقال الحداد: «ومع ذلك نقول الطلاق ليس جلّه سلبياً، إذ إن عدم صدور الطلاق يؤدي أحياناً لارتكاب جريمة التخلّص من الآخر، لأن الزوجين لا يتناسبان إطلاقاً مع بعضهما فهنا يكون الطلاق رحمة ومودّة ولكن بشروط التسريح بإحسان».