إن للأمثال الشعبية قصصاً تعكس ثقافات الشعوب، فهي المرآة التي نرى من خلالها معتقدات الشعوب وأفكارهم وسلوكياتهم بل أن الكثير من الأمثال الشعبية تعبر عن خصوصيات الثقافة لدى المجتمعات المختلفة، وبعضها أسهمت في تشكيل ذهنية واتجاهات بعض الشعوب، وأدت دوراً في تحديد الطابع العام لهم، الأمر الذي تسبب في أن تغدو هذه الأمثال محوراً لاهتمام الباحثين والمتخصصين في دراسة الثقافة الشعبية. كما نلاحظ اعتياد الناس جيلاً بعد آخر على ترديد الحكايات والأمثال والحكم الشائعة في كلامهم من دون أن يعرفوا مصدر المثل أو أصوله، ومن بين الأمثال الشعبية المثل الشهير

«فرخ البط عوام» فما قصة هذا المثل؟

يشيع هذا المثل كثيراً على ألسنة الناس وأحياناً يقال بتعبير آخر وهي ابن الفرخ عوّام. فعادة ما يقال عن الولد إنه ابن أبيه أو مثل أبيه، وهذا الكلام يقاس على مثلنا هذا، وهو مثل عربي قديم يشير إلى توريث صفات الأب إلى الابن وله تاريخ قديم بين الأمثال العربية.

وقصة هذا المثل ترجع إلى قديم الزمان حيث عاش رجل في قرية من القرى وامتلك مزرعة صغيرة كان يربي فيها الحيوانات كما امتلك حظيرة اعتاد أن يحتفظ فيها بالدواجن والبط والإوز لتربيتها.

وكانت إحدى البطات التي كانت وضعت بيضتين صغيرتين أصابها مرض وماتت.

فلما تبين المزارع ذلك حزن، ولم يعرف ماذا يفعل بالبيضتين.

وقرر أن يضعهما بين بيض دجاجة من الدجاجات الموجودة في الحظيرة. وبقيت الدجاجة ترقد على البيض حتى فقس البيض وخرج منها الصيصان وفرخا البط.

ونشأ فرخا البط مع باقي الكتاكيت من دون أن يشعر أي منها بالاختلاف وفي يوم من الأيام، مرت الدجاجة الأم مع صغارها بالقرب من النهر، فلما رأى فرخا البط مياه النهر قفزا إلى المياه وراحا يسبحان ببراعة من دون أي تعليم مسبق.

وكان المزارع يراقب ما يحدث عن بُعد، فلما رأى الفرخان يسبحان ضحك وقال جملته المشهورة: فرخ البط عوام، وهي المقولة التي أصبحت قولاً مأثوراً يردده الناس كلما رأوا من يتقن مهارة أبيه وبمعنى آخر الابن سر أبيه .