أهمية تطبيق الأساليب الحديثة
قالت اختصاصية العلاج النفسي في إدارة الإرشاد الأسري بوزارة التنمية الاجتماعية هناء الفردان إن هناك 4 خطوات عملية وعلمية لتخطي المرحلة التي يشعر فيها الآباء والأمهات بأنهم استنفدوا كل ما يعرفونه من طرائق وأساليب للتعامل مع مشاكل الأبناء التربوية. وأوضحت أن هذه الفترة هي التي يشعر فيها الآباء والأمهات بأنهم وصلوا إلى مرحلة من الشعور بالإحباط واليأس وخيبة الأمل، ولم يعودوا قادرين على احتواء مشكلات أبنائهم ومساعدتهم على تخطي الأزمات التي يمرون بها.
وذكرت أنه قبل التطرق إلى خطوات تجاوز تلك المرحلة لا بد من أن نعلم جيداً أن التربية تتطلب منا كمربين مراعاة عدة نقاط مهمة، ولا سيما أن تطور الحياة وانفتاحها على الثقافات المختلفة والتطور التقني المتسارع الذي نشهده في زمننا الحالي تجعلنا أمام تحد كبير، حيث تظهر في كل يوم مشكلات تربوية جديدة لم تكن في الحسبان، ناهيك عن صعوبة اتباعنا أسلوباً تربوياً واحداً يلبي احتياجات جميع أبنائنا حيث الاختلافات والفروقات الفردية بحسب طبيعتهم وشخصياتهم واحتياجاتهم المتغيرة بتغير مراحلهم العمرية.
وبينت أن الخطوة الأولى لمواجهة تلك التحديات التربوية والتي تتطلب قدراً عالياً من الشجاعة هي الإحساس والاعتراف بحاجتنا كمربين إلى اكتساب أساليب تربوية جديدة أكثر فاعلية، ويتم ذلك من خلال ملاحظتنا وتقييمنا لأساليبنا التربوية القديمة، كتقديم النصح والوعظ المباشر والتلقين، وكذلك استخدام أسلوب العقاب والحرمان لتعديل السلوكات الخاطئة أو المقارنة والمفاضلة بين الأبناء، بهدف التحفيز والتشجيع على السلوك المرغوب فيه، حيث إن تلك الأساليب غير الملائمة تخلق أبناءً غير قادرين على التفكير والتحليل والاعتماد على الذات في حل المشكلات الحياتية، وتؤثر نفسياً على نظرتهم الذاتية إلى أنفسهم والشعور بالدونية وضعف الثقة بالنفس، ما ينعكس سلباً على شخصيتهم وتواصلهم الاجتماعي مع الآخرين.
وبعد الإحساس بالمشكلة يمكننا الانتقال إلى الخطوة الثانية ألا وهي اتخاذ القرار بالحاجة إلى التغيير في أساليبنا القديمة، الأمر الذي يتطلب منا التحلي بالصبر والثبات؛ فلا نتوقع أن يحدث التغيير على نحو سريع ودون بذل أي مجهود ولا نتوقع أن يتقبل أبنائنا هذا التغيير بسهولة، وبالتالي ننتقل إلى الخطوة الثالثة، وهي البحث عن بدائل تربوية جديدة تلبي احتياجات أبنائنا بشكل أفضل واعتماد المصادر التربوية الموثوقة كالكتب التربوية أو حضور البرامج التدريبة المتخصصة أو من خلال الجلسات الإرشادية التربوية مع المختصين، حيث نتعرف من خلالها على كثير من الأساليب التربوية الحديثة كالحوار التربوي وتشجيع الأبناء على التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم، ومساعدتهم على إيجاد حلول ذاتية للمشكلات التي تواجههم من خلال تعريضهم لمواقف افتراضية وتدريبهم على التعامل معها بشكل سليم، أو من خلال سرد القصص التربوية الهادفة إلى إيصال الرسائل التربوية المرغوبة، وكذلك الاستفادة من اللعب كأسلوب تربوي محبب وفعال لتعليم الأبناء، ولا ننسى أهمية أسلوب التربية بالنموذج والقدوة الصالحة والذي أثبتت الدراسات العلمية تأثيره الكبير على تبني الأبناء قيم وسلوكات الآباء، كما أن الأساليب التربوية الحديثة تركز على تقبل الاختلافات الفردية وتعزيز السلوك الإيجابي للأبناء كبديل تربوي فعال عن العقاب، حيث إن الأساليب التربوية الحديثة قادرة على تنمية صورة إيجابية للأبناء عن أنفسهم وتعزز شعورهم بالمسؤولية وتخلق شخصية متزنة نفسياً واجتماعياً.
أما الخطوة الرابعة والأخيرة فهي التطبيق العملي لما تم تعلمه من طرائق تربوية حديثة وملاحظة آثارها الإيجابية في تربية أبنائنا، ويجب ألا نغفل عن حقيقة أننا كمربين نسعى دائماً للتعلم والتطور، ولكننا نبقى بشراً غير كاملين وأن الوصول إلى الكمالية أمر غير ممكن، حيث إن الإيمان بتلك الحقيقة يقودنا إلى تحقيق الرضا عن أنفسنا كمربين والشعور بالسلام النفسي.