حنان الخلفان
توجد مرحلة في الحياة تسمى «الفلاش باك»، ربما هي تراكمات أو احتكاكات واجهتنا في الحياة منذ الصغر، أو الحياة الاجتماعية أو العملية. هي مرحلة نحاول ونحاول ونساوم فيها على أرواحنا، رغم تعثر ظروفنا، حتى نستفيق منها، إلى أن استنفدت أرواحنا بالكامل بكافة فرصها في طريقنا إلى الحياة.
الأشخاص الارتداديون تجمعنا معهم صدف الحياة، تكون أشبه من الارتدادية أو الانتقام من حق أنفسنا، فتكون محاولة العثور على علاقات شبيهة ومطابقة لأحلامنا، ثم نحصل على نهاية مختلفة تعكس توقعاتنا، كأننا نحاول معايشة تجربة فجأة كانت في أحلامنا الوردية، وفي منامنا فقط.
واقع ونوايا البشر حولنا حقيقة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى. ونحن كبشر عاجزون عن معرفتها، فنحن لا نتدخل في مثل هذه الأمور الربانية، بل تصل إلينا عن طريق رسائل ترسلها إلينا السماء لتخبرنا بطريقة لا نستطيع استيعابها؛ إما عن طريق المواقف، أو الأحداث التي تصيبنا صدفة، فنستوعب لحظتها أننا نطفو على بحور الأوهام. ولكن حين نتعمق ونتغلغل في هذه الرسائل، نكتشف عدم جاهزيتنا لنتلقى صدمات جديدة في حياتنا، كنا فقط نحن من نؤمن، ونحن من نريد تصديقها على هيئة تعويض وجبر رباني، وفجأة... ليست تلك الحقيقة على أرض الواقع، بل لأننا نريدها أن تكون هكذا.
فلا عجب حين تنقلب الطاولة على ذاتنا، وعلى نفسياتنا، وعلى واقع حياتنا، حتى ننصدم ونكتشف أن أعراض الانسحاب من هذا الإدمان، مع غياب المخدر والبنج الذي كنا كل يوم نتعاطاه بهذا الشخص الذي أدمنا صوته ووجوده وكل شي يرتبط به، ما هو إلا للهرب من الضغوطات التي أصابتنا، وأن هذا الحلم الجميل يغير منا كأشخاص لفترة قصيرة ومحدودة جداً مع انتهاء فترة صلاحيتنا في العلاقة التي سئم منها الطرف الآخر. فحين نريد أن نلقي اللوم على أطراف خارجية، فنحن المسؤولون بالكامل عما حدث، وشاركنا فيه بمحض إرادتنا، وبكامل قوانا العقلية.
أما اليوم، نحن الوحيدون القادرون على الاستيقاظ من هذا الحلم الباهي؛ عن طريق تعافينا وتجاوزنا، والخروج من دائرة هذه الطاولة المزيفة والمشاعر المشوهة التي اندفعت في البدايات، وبدأت ترتطم بالواقع والحقيقة.