د. رنا الصيرفي

يعتقد البعض عندما يسمع مصطلح الهوية الفطرية أو الجنسية، بمعنى أن يتعرف الطفل على هويته كذكر أو أنثى، بأنه إما أمر لا يجب التفكير فيه فهو تلقائي أو أنه أمر نحتاج أن نفكر فيه ونهتم بأمره عند اقتراب الطفل من سن البلوغ.

ولكن الهويات بشكل عام هي قواعد أساسية لدى الإنسان، لذلك فإنها تتشكل منذ سنوات حياته الأولى، فالهوية الجنسية تبدأ بالتشكل في سنٍ حرج أي من عمر السنة والنصف حتى الثالثة كما يراها د.نيكولوسي عالم نفس أمريكي متخصص في هذا المجال، فتأخذ في التشكل بتأثيرات كثيرة، وليست فقط بناءً على جنسه عند ولادته، حتى يصل الطفل إلى مرحلة البلوغ حيث يكتمل تشكلها.

لذلك فالتعامل مع الأطفال في هذه السن وكأنهم لا يفقهون شيئاً، هو خطأ كبير، يجني الطفل تبعاته عندما يكبر.

وعند تشكّل هويته الجنسية يتعرف على أنه ذكر أو أنثى، من خلال: لغة المخاطبة التي نستخدمها معه، الملابس، قصة الشعر، الأنشطة، وغيرها، فيبدأ في فهم هويته ويعتز بها. أما التلاعب في هذه الأمور مثل تسمية الطفلة باسم ولد والتعامل معها على أنها ولد، أو وضع شرائط في شعر الولد والتعامل معه كأنه بنت، كلها أمور تؤثر بدرجة كبيرة على الهوية الجنسية التي تتشكل في نفسه عن نفسه.

إن عدم الاهتمام بتعزيز هوية الطفل، لا يزيده إلا إرباكاً واضطراباً.

ومن ناحية أخرى، فإن علاقة الأب والأم به لها تأثير كبير في تشكيل هويته، فالعلاقة الصحية بين الطفل والوالد من نفس الجنس تُؤسس لهوية جنسية أكثر متانة، لأنه من خلالها يفهم طبيعة هويته. وكلما كانت العلاقة بين الأم والأب جيدة انعكس ذلك إيجاباً على هويته التي يشكلها، فهما المرآة التي ينظر لنفسه من خلالها.

الهويةُ الجنسية شيءٌ أساس وعميق تُؤثر في نظر الطفل لنفسه، وثقته بها. فالاهتمام بتأسيسها بشكل صحيح منذ سنوات حياته الأولى يحميه من التعرّض للاضطراب في هويته، ويستطيع أن يواجه موجة التشكيك في الهويات الجنسية بقوة أكبر.