زهراء حبيب
إصدار أي قانون يحتاج إلى مناقشة مستفيضة..
الأطفال الذكور أكثر عرضة للعنف الأسري من الإناث
أحلام القاسمي: التمييز ضروري بين من لا يبلغ عن العنف والمُتستر
السيد: تعزيز ثقة الشخص بنفسه وحثه على الإبلاغ عن العنف
في ظل تسجيل انخفاض في بلاغات العنف الأسري عام 2023 والمسجلة لدى نيابة الأسرة والطفل في النيابة العامة بنسبة 7%، وما يقابله من رفض في مجلسي النواب والشورى لسن قانون يختص بالعنف الأسري من حيث تجريم كل من لا يبلغ عن هذه الجريمة سواء كان مدرساً أو طبيباً أو حتى عاملاً في منزل والأطباء وحتى خدم المنازل، يبدو أن السؤال المطروح الآن هل البحرين بحاجة لقانون يحد من حالات العنف الأسري أم أن قانون العقوبات الموجود كافٍ؟ هو سؤال طرحته «الوطن» على جهات الاختصاص لاستبيان آرائهم.
وقبل الدخول في جوهر الموضوع، لابد من استعراض أحدث الإحصائيات التي أعلنتها النيابة العامة مؤخرا، إذ تؤكد تسجيل انخفاض ملحوظ في بلاغات العنف الأسري التي سجلتها نيابة الأسرة والطفل في العام الماضي 2023، وذلك بنسبة وصلت إلى 7% عن عام 2022، ففي عام 2023 بلغت إحصائيات العنف الأسري نحو 2807 بلاغ، فيما سجل عام 2022 نحو 3017 بلاغا، حيث كانت الفئة العمرية الأكثر تضرراً من العنف تتراوح بين 7 إلى 10 سنوات بواقع 263 قضية.
وبحسب الإحصاءات فإن فئة الذكور هي الأكثر تعرضاً للعنف الأسري من الإناث بواقع 172 بلاغا للذكور و91 بلاغا للإناث.
وفيما يخص مبادرة رعاية التي أطلقتها النيابة العامة فقد شملت 75 طفلاً من بين 123 شخصاً استفاد من المبادرة، وكانت الفئة العمرية بين 7حتى 18 سنة هي الأكثر استفادة من الخدمات التي تقدمها «رعاية» ومن بينها الحصول على خدمة اجتماعية، أو صحية والنفسية وغيرها.
ولإيضاح الأمور من الجانب الأكاديمي، تقول رئيسة قسم العلوم الاجتماعية في جامعة البحرين د. أحلام القاسمي: «من حيث المبدأ، لا أحد يختلف على ضرورة حماية كيان الأسرة من العنف ومن كل ما يسبب الشقاق والتفكك الأسري».
وتضيف: «ينبغي أن نضع هذا الأمر في اعتبارنا ونحن نناقش مشروع قانون يهدف إلى معاقبة من يمتنع عن التبليغ عن العنف الأسري»، قبل أن تشير إلى أن «موضوع إصدار تشريع لمناهضة العنف الأسري يحتاج إلى مناقشة مستفيضة قبل تشريعه، كون نصوص القانون الذي تم رفضه تتداخل فيها الرغبة في تحقيق مصالح خيّرة مع نتائج قد تكون متضاربة».
ووفقاً للقاسمي فإن «الرغبة في حماية أفراد الأسرة من العنف الأسري مسألة مهمة، ينبغي أن تكون لها الأولوية بالتأكيد، ولكن حماية الأفراد من داخل الأسرة وخارجها من عقوبة لا يستحقونها أيضاً مسألة مهمة، لأن إقرار القانون بهذا الشكل يعني استحقاق العقوبة على كل من يعلم بواقعة العنف الأسري ولا يبلغ عنها، وهذا يشمل خدم المنزل وأفراد الأسرة وجيرانها ومعارفها والأطباء وكل من علم بالموضوع. وهذا ينافي العدل».
ومن أجل هذا تقترح القاسمي «التمييز بين من يعلم بالعنف الأسري ولم يبلغ، وبين من يتستّر على العنف الأسري عن قصد، لأن التستّر المقصود يعني العلم بالعنف الأسري والقصد معاً، الأمر الذي يعني نية الشخص في حماية فاعل العنف، وعدم السعي إلى إزالة العنف أو حماية المعنّف».
ولاستجلاء أبعاد القضية على الصعيد الأسري، يوضح المستشار الأسري محمد السيد أن «المجتمع بأمس الحاجة، إلى تثقيف المجتمع وتشجيع الأفراد المتعرضين للعنف بكافة أشكاله سواء الجسدي أو اللفظي أو النفسي، على الحديث وعدم الصمت خاصة لدى الأطفال والنساء»، مشدداً على «أهمية غرز هذه الثقافة لدى المواطنين والمقيمين قبل الإقدام على سن تشريع قانون للعنف».
وبحسب السيد فإن «تثقيف الافراد أهم من الإلزام، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع يأتي في المرتبة الأولى قبل سن أي تشريع قانوني، فهناك خطوات يعمل بها أصحاب الاختصاص مثل الأطباء في حال ملاحظتهم لأثار تعرض طفل أو غيره لعنف يتم التحقق من الأمر مع أصحاب الشأن على الفور».
وحول الخطوات التي يجب أن يتبعها الأخصائي لدى استقباله حالة تعرضت للعنف، يقول السيد «في البداية يجب التوضيح للضحية أن هذا الفعل مستنكر، ويجب العمل على تعزيز ثقة الشخص بنفسه، ومساعدته على استجماع قوته، وحثه على الإبلاغ وعدم التزام الصمت»، مشيراً إلى أن «ما نحتاج إليه هو توعية الأفراد بحقوقهم قبل إصدار قانون،خاصة في مثل هذه القضايا المجتمعية».