أميرة صليبيخ


يستيقظ فلان في كل صباح حامداً الله أن وهبه يوماً آخر ليحيا فيه وينجز المهمة الموكلة إليه في الحفاظ على سير المؤسسة التي يعمل فيها، بعدها استعاذ بالله من شرور الموظفين، وانطلق في طريقه تحرسه حماية الله حتى وصل إلى المكتب. هاتف العامل يطلب منه إعداد قهوته المعتادة، ولكن بدون سكر اليوم، كررها أكثر من مرة وأغلق الخط.

بعد نصف ساعة، أتى العامل بكوب القهوة وشرع في توزيع بقية الطلبات على الموظفين. عندها اكتشف فلان أن القهوة بسكر. فقام من مكتبه يبحث عن العامل والشر يملأ عينيه، وعندما وجده أطلق عليه قذائف الشتائم والإهانات أمام الجميع ثم عاد مبتسماً ومزهواً بإنجازه. لقد انتصر لنفسه وعلّم هذا العامل الدرس الذي يحتاجه في سبيل رفعة المؤسسة والحفاظ على مصلحة موظفيها.

قضى أولى ساعات النهار في التنقل بين المكاتب ليطمئن على أحوال الموظفين، فالموظف هو أساس نجاح المؤسسة، فأخذ يلتقط منهم الأخبار والأحاديث ويتركهم يفرغون همومهم في جعته. ثم عاد ليعمل، حيث قضى ثلاث ساعات يقلب وسائل التواصل الاجتماعي ويقهقه لوحده أحياناً أو مع الآخرين حتى يقوي أواصر الإخوة معهم وينشر الإيجابية فيما بينهم.

بعدها ذهب إلى مكتب المدير ليسلم عليه، وينقل معه الغنيمة الكبرى التي سعى جاهداً منذ الصباح لجمعها، فهو في النهاية بلا شك يرغب في تسهيل حياة الموظفين ويضع من أجلهم أفضل الحلول الممكنة، فهو يدعو الله دائماً أن يعينه على فعل الخير.

بعد أن نقل بشفافية تامة ما جاء على لسان كل موظف، واختار الكلمات المناسبة التي تجعل الحكاية أكثر تشويقاً وواقعية، مستغلاً موهبته في الاقناع، حمد الله الذي يسر أمره وحل عقدة من لسانه.

مع اقتراب العام من الانتهاء، وُضعت الدرجات ورُصد التقييم. والآن فلان مرشح لأن يكون في منصب أعلى لأنه بالفعل يستحق. ففي الوقت الذي كان الموظفون يبذرون أوقاتهم في الحديث والتنقل بين المكاتب وتضييع الوقت، كان هو الوحيد الذي يحرص على توجيههم وتذكيرهم بأهمية العمل وحل مشكلاتهم، فأمثاله نادرون وما يقوم به عمل جبار يصب في مصلحة المؤسسة وخدمتها.

الآن فلان أصبح قدوة لمن في المؤسسة، وأصبحوا جميعاً يقلدونه ويقتدون به. ولم تمضِ سنوات حتى أعلنت هذه المؤسسة إفلاسها وخسارتها بعد أن هرب الجميع منها وأصبحت بيئة سلبية خانقة تحتضن الوشاة فقط.