إيمان عبدالعزيز
ثمة أعمال فنية قُدِّمت منذ عقود من الزمن بطابع درامي تربوي، أثرت الشاشة بشدها للمشاهدين من جيل الأمس وجذبهم للمتابعة، ليس فقط بغرض التسلية والفكاهة، بل لما تحتويه من مضامين قيّمة تثمّن المبادئ وتحمل المعاني في رسائلها الهادفة، ولاسيما تلك التي تحمل النصوص الموجهة لأولياء الأمور بأحداثها الدائرة حول العلاقات الأسرية وتأثيرها في تربية الأبناء.
ومن بين تلك الأعمال مسلسل «إلى أبي وأمي مع التحية»، الذي عرض بجزأين في مطلع ثمانينات القرن الماضي، حيث استطاع الكاتب طارق عثمان وبإشراف أكاديميين تربويين من جامعة الكويت توظيف الأساليب والأنظمة السليمة في إدارة شؤون الأسرة وتقويم سلوكيات الأبناء في أحداث العمل، وأيضاً تقديم الحلول الناجعة لقضايا عدة، من أهمها المشكلات الأسرية التي تواجه الزوجين ومدى تأثيرها على نفسية الأبناء، والتعثر الدراسي، وتحديات المراهقة، وعلاقات الأبناء في المحيط الخارجي مع الجيران والأصدقاء وغيرها، حيث استطاع أبطال العمل وهم كل من الفنانة حياة الفهد والراحل خالد النفيسي وعبدالرحمن العقل وهدى حسين وغيرهم، الإجادة المتقنة في تجسيد الأدوار الموكلة إليهم، مما أدى لتحقيق العمل إشادة واسعة خلد بصمة عالقة في أذهان المشاهدين.
كما لمسلسل «إلى الشباب مع التحية» الذي أنتج في أواخر الثمانينات، وضم نخبة من فناني دول الخليج أيضاً في الكشف عن مختلف القضايا الشبابية لدى الأسرة الواحدة ومعضلاتها وكيفية التعاطي معها، ذلك ما قامت به العمة «د.نورة» في إصلاح أحوال منزل أخيها المكون من رب الأسرة والزوجة والجد والأبناء الخمسة المتفاوتة أعمارهم بين سن الشباب والمراهقة.
ومن روائع المخرج يوسف حمودة مسلسل «للحياة بقية»، الذي تدور أحداثه حول السيدة الأرملة التي كرست جل جهودها في تربية أبنائها الثلاثة بمفردها مع إصرارها بعدم الزواج بعد وفاة زوجها مُواجهةً العديد من التحديات الأسرية والمهنية وكيف استطاعت اجتياز المحن والموازنة بين دورها الأمومي في المنزل وبين عملها في سلك المحاماة.
وغيرها الكثير من الأعمال الدرامية التربوية التي أمتعت أجيالاً تلو الأجيال بما تلعبه على الشاشة التلفزيونية في تسليط الضوء على قضايا الأسر من خلال تقديم أعمال تضع يدها على قضايا مهمة تمس البيوت وأفرادها، حيث استطاعت أن تنقل للمشاهد صوتاً وصورة واقعه ومشكلاته التي يعانيها، ليشعر بأنه جزء من القصة التي يشاهدها، وذلك ما جعلها خالدة في الذاكرة لو تعرض في هذه الأيام تتم متابعتها بشغف كما لو أنها تعرض لأول مرة.