إيمان عبدالعزيز

لا نستطيع إنكار ما تحمله مواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا» في طياتها منذ بزوغها العديد من المحاسن الكامنة في تيسير سبل التواصل وتقديم وافر الخدمات المعرفية في مختلف المجالات، ما جعلها تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وشغلنا الشاغل في الترقب حول آخر مستجدات التطبيقات وإنشاء حسابات لكل موقع مستجد لمتابعة محتوياته.

فنحن نعيش عصرنا الراهن في كنف التقدم التقني وما تفرضه التكنولوجيا الحديثة من متغيرات باكتساحها دول العالم، ما عزز مكانتها في ملامسة المتطلبات الحياتية التي أوجبت على الأفراد التعاطي معها لإنجاز مهامهم اليومية.

وقد تشغل أكثر ساعات اليوم حيزاً من استهلاك الوقت في متابعة منصات التواصل الاجتماعي ومجرياتها، حيث يعد «الإنستغرام» من أكثر منصات العالم المتسيدة التي يتعامل معها ملايين الأشخاص بشكل يومي وبأغراضها المتعددة، سواء للمتعة أو للتواصل مع العالم الخارجي أو للتسويق، ما أسهمت في تغذية الزاد الفكري عما كان عليه في السابق، لمن يحسن استخدامها لخير الأمور.

وقد تتحول نعمة تلك المواقع التي اخترقت جميع الأجهزة الإلكترونية المنزلية كالجوالات والأجهزة اللوحية الذكية، مما أصبحت جزءاً من شخصيتنا إلى نقمة بالنظر إلى سلبياتها وما تعقبه من مساوئ في تغيير مجرى حياتنا المنزلية والاجتماعية والصحية.

في الآونة الأخيرة ارتفعت معدلات الأمراض بين الأطفال والناتجة عن استخدامهم المفرط في أجهزة «الآيباد»، وأيضاً من زاوية أخرى تبادل التهاني أو التعازي عبر تطبيق «الواتساب» أدى إلى تقليص الزيارات الاجتماعية والاكتفاء بالردود هاتفياً.

فماذا لو تعطلت تلك التطبيقات والحسابات لمدة أيام؟؟ جميعنا شهد ظاهرة تغير الأحوال الجوية واشتدادها إلى تعطل الشبكات، ما أدى إلى توقف تطبيقات الهواتف عن العمل في معظم المناطق، ما عاد البعض في عاداته إلى سالف عهده، يستغل وقت فراغه في قراءة كتب، وقضاء المهام المنزلية، والجلوس الممتع مع أفراد الأسرة، وغيرها من المهام التي تحرر الفرد من عبودية التعلق بتلك الأجهزة.

وذلك ما رواه المدون السعودي حمزة الفاضل عن تجربته مع انقطاع شبكة الجوال وكيف استطاع أن يتعايش مع هذا الظرف وكيف يقضي وقته بالانشغال مع ما يفضله من قراءة القرآن وكتب أخرى، وهوايات أخرى تعزز من مهاراته الشخصية، داعياً إلى التنسيق بين الاعتدال في استخدام الجوال وبين إعطاء مساحة للحياة الشخصية التي تعيد صياغة أفكار الفرد وإعداده للأفضل.

فإن الموازنة المثلى بين متابعة «السوشيال ميديا» والانشغال بأمور حياتية أخرى، تعزز من قابلية ومقدرات الشخص على التكييف مع تقلبات الحياة المعيشية بشتى ظروفها من دون الشعور بالملل والكآبة، حتى في ظل اعتلال الشبكات وتعطل الأجهزة الذكية وتوقف مغرياتها.