سماهر سيف اليزل
الصداقة الوالدية تخلق بيئة عائلية سوية
كشفت أخصائية العلاج النفسي في مركز حماية الطفل رجاء العجمي أن غياب التوجيه الأسري القادم من الوالدين يتصدر أسباب الانحرافات الأخلاقية للمراهقين، مؤكدة أهمية ما أسمته بـ«الصداقة الوالدية» ضمن الأسرة من أجل خلق بيئة مثالية للمراهقين.
وقالت العجمي إن جميع الآباء يطمحون لتربية مثالية لأبنائهم وخصوصاً فترة المراهقة التي تعد المرحلة الأصعب في تشكيل شخصية المراهق، باعتبارها المرحلة الانتقالية من الطفولة إلى الرشد وخلالها يسعى المُراهق إلى الاستقلالية ما يثير القلق عند الوالدين من تأثر المراهق من عوامل قد تتسبب في انحرافه سلوكياً.
وأضافت أن هناك بعض الأسباب التي تسهم في الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية والسلوكية لدى المراهقين ومن بينها:
- التكوين الأسري: الأسرة هي الأساس في تشكيل وبناء شخصية المراهق واللُبنة الأساسية في التربية هي الثقة المتبادلة بين المراهق وأسرته، ولضمان شخصية سوية للمراهق لابد من توافر التنشئة الصحيحة للمراهق من قِبل الأسرة والتي تتمثل في القدوة الوالدية السليمة، فالمراهق يستمد سلوكه وطباعه من سلوك الأسرة والقائمين على تربيته.
- فقدان أحد الوالدين : عند فقدان أحد الأبوين وغياب التوجيه الوالدي الكافي وانعدام الرعاية وتدبير أمور المراهق وعدم توفير احتياجاته العاطفية فإنه يكون أكثر عرضة للمشاكل النفسية التي من شأنها دفعه للمشاكل السلوكية التي تؤدي للانحراف الأخلاقي.
- جماعة الأصدقاء: لابد من التعرف التام على مجموعة الأصدقاء التي ينتمي لها المراهق حيث إن تأثير الصديق أشد وأسهل على المراهق من أي شيء آخر فإن كان هناك من لديه أي مشاكل سلوكية فيجب على الآباء إبعاد أبنائهم قدر المستطاع عن أصدقاء السوء لكي لا يكونوا عرضة لخطر الانحراف السلوكي.
- الدلال الزائد: التربية السليمة تكون بدون إفراط ولا تفريط فيجب الاعتدال في العطاء بكل أنواعه سواء العطاء العاطفي أوالعطاء المادي بحيث أن لا ترجح كفة دون الأخرى، لتفادي المساهمة في إيجاد خلل نفسي يؤدي إلى انحراف أخلاقي لدى المراهق.
- القسوة الزائدة في التربية: على عكس الدلال الزائد يجب على الآباء المرونة في التعامل والتبادل الفكري وعقد الصداقة الوالدية والابتعاد عن أساليب العنف تجنّباً عن بحث المراهق على بيئة غير صالحة لإثبات نفسه مما يؤدي إلى احتمالية انحرافه سلوكياً.
وأوضحت رجاء العجمي أن استشعار دور الأسرة وقيمة الحياة في كنف الأمان النفسي وتوفير الاطمئنان مع الصداقة الوالدية والاحترام وعدم تعدي الحدود الوالدية مع والرقابة التعاونية بين الوالدين والأبناء يضمن خلق بيئة أسرية سوية، وبناء جسر من الثقة المتبادلة.
وبينت أن طبيعة المراهقين هي رفض الأوامر ولكنهم يتقبلون التعاون فالصداقة الوالدية هي التدعيم التربوي الإيجابي، والهدف من وراء خلق هذا النوع من العلاقة الوالدية هو كسب المراهق في هذه الفترة المهمة من حياة الفرد لضمان نموه العاطفي والأخلاقي والسلوكي نمواً سوياً، بعيداً عن المؤثرات الاجتماعية السلبية الخارجية وتأثيرها على المراهق وتأثره بها.
وحول أساليب عقد الصداقة الوالدية أوضحت العجمي أنها تشمل:
- القدوة الحسنة: المتمثلة في تفعيل الدور الوالدي الإيجابي الذي يرسم صورة حسنة وجميلة للسلوك الوالدي الذي سيسلكه الأبناء.
- الحوار المتبادل: إعطاء الأبناء مساحة من التعبير عن ذواتهم باحترام وحدود.
- تحميل الأبناء للمسؤولية المعقولة لتمكينهم من رقابة ذاتهم واحترام الآخرين والوصول بهم إلى مرحلة النضج الفكري.
- بناء الثقة : لابد من إعطاء الأبناء الثقة النفسية المتبادلة مع الوالدين لتوليد الدافعية الإيجابية لإنجاز الأدوار الحياتية بنجاح.
- إدخال البدائل في حال الرفض لخيار ما عند الأبناء حيث إن كلمة (لا) دون تبرير تخلق عندهم دافعية وفضولاً بتجربة الأشياء الممنوعة.
- عدم توجيه الانتقاد السلبي بطريقة تجعل المراهق يشعر بالنفور.
- مشاركة المراهق اهتماماته وهواياته.
- التعبير عن المشاعر الإيجابية بشكل مستمر للمراهق بكل الأنواع سواء لفظياً أو مادياً أو سلوكياً.
وفيما يخص مهارات تعزيز الرقابة الذاتية للطفل، قالت العجمي إنها تتضمن:
- عقد صداقة والدية مع الأبناء بحدود واحترام متبادل.
- الرقابة المباشرة وغير المباشرة على الأبناء لملاحظة ورصد أي تغيير سلوكي لديهم وتدريبهم على حماية أنفسهم في كل المواقف.
- الإرشاد والتوجيه الوالدي للأبناء والتأثير النفسي عليهم بضرورة إخبارهم بأي ضرر يقع عليهم أو محاولة استغلالهم.
- مساعدة الأبناء في اختيار الأصدقاء الصالحين حيث لابد من وجود جمعة أصدقاء من الأقران لضرورة تشكيل علاقات اجتماعية جيدة للطفل وإبقاء الصداقة الوالدية لضمان وجود الاطمئنان النفسي واللجوء الذاتي للأهل لتقوية العلاقة الأسرية ولكنها لا يمكن أن تكون بديلاً لعلاقة الصداقات المتبادلة بين الأطفال وأقرانهم من خارج دائرة العائلة.