إيمان عبدالعزيز
تتفشى إحدى الآفات الاجتماعية في هذه الأيام، وهي سوء الظن بالآخرين، وتعود أسبابها إلى بعض المعاناة من المشاكل النفسية التي تترك أثراً سلبياً لمن يعاني من هذه الظاهرة غير السوية وتجعل صاحبها حبيساً في زنزانة المشاكل والعداءات مع من حوله باستمرار ومن دون توقف، ما لم يضع حداً لعلاج هذه المشكلة.
ولسوء الظن عواقب وخيمة متعدّدة الصور، ومن بينها ما نراه على الأكثر في يومنا الحالي من قطع العلاقات مع الأقارب وخسارة الأصدقاء وربما حتى مع العاملات في المنازل والمشاكل بين الزوجين والمشاحنات بين الآباء والأبناء وانقلاب المودة مع الجيران، والأعظم خطورة من كل ذلك هو أن يتمادى الفرد في سوء ظنه حتى مع ربه «والعياذ بالله».
عندما يكون تفسير الأمور وتحليلها تحليلاً خاطئاً ومقروناً بوساوس الشيطان وما يقوم به من ضخ الهواجس لذوي النفوس الضعيفة، يستسلم الفرد لتلك الظنون حتى تسيطر عليه تلك الآفة لتُفقده ثقته في الناس جميعاً لأنه ينظر من زاوية ضبابية تحجب عنه الحقائق وتجعله ينغمس في التهيؤات والأوهام الكاذبة التي تصنع منه إنساناً ينبض بقلب حاقد ونفسية معتلة.
ومن بين صنوف هؤلاء مسيئو الظن، من يظن أن أخطاءه وطباعه السيئة متقمصة في غيره أيضاً، كالذي يتثاقل عن مَدّ العون لغيره، وعندما يرغب الآخرون في تقديم المساعدة ويمنعهم ظرف ما يحول بينهم وبين إعانة غيرهم، يظن أن هؤلاء تعمّدوا الصّدَّ عن تقديم المساعدة لتنطبق عليه مقولة المثل الشهير «كل يرى الناس بعين طبعه»، وأمثلة متعدّدة الصور في حياتنا الاجتماعية.
سوء الظن داء اجتماعي يعتلّ به الظان ويتضرر منه المظنون به أيضاً لما يوقعه في حلقة المشاكل نتيجة الأوهام الزائفة، كما وصف الشاعر أبو الطيب المتنبي في شعره «إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم».
فلا يجب على المرء أن يسيء الظن بالآخرين لمجرّد الشك أو التحليل الخاطئ للموقف، وألا يقع فريسة لوساوس الشيطان، والخطوة الأولى لصرف ذلك حسن الظن بالغير وافتراض الخير بهم، ومحاولة تطهير القلب وتحرير العقل من التفكير الخاطئ مع تعزيز الثقة بالنفس وتسليم الأمور كلها لله تعالى وحُسن التوكل عليه.