رائد البصري
ما هي الاستقالة الصامتة في بيئة العمل؟ وما هي أسباب لجوء بعض الموظفين لها؟ وكيف تعرف المنظمة أن هذا «نوع من الاستقالة غير المعلنة أو المبطنة» وكيفية يمكن مواجهتها؟
يمكن تعريف مصطلح «الاستقالة الصامتة» بأنه تركيز الموظفين، خصوصاً حديثين العهد بمهمات الوظيفة، على الإنتاج في ساعات عمل محددة، وإنجاز المهام المرتبطة بالوظيفة فقط، والاكتفاء بذلك، والتخلي عن الرغبة وشغف في أي ميزات أخرى، كالترقية أو الوصول لمناصب أعلى، وعدم بذل جهد إضافي أو الانخراط في أي مهام أو مسؤوليات أو أنشطة أخرى.
ولا تعني الاستقالة الصامتة ترك الموظف عمله، بل القيام بالمهام لكن بالحد الأدنى منها، ووضع حدود واضحة للأداء، بحيث ينفصل الموظف ضمنياً عن مكان عمله رغم أنه يرتاده كل يوم منذ بداية الدوام وحتى نهايته، لكنه لا يؤدي أكثر من واجبه المحدد في الوصف الوظيفي مع البحث باستمرار عن فرصة عمل أخرى.
تثير القلق
ويثير انتشار هذا المصطلح حالياً القلق في الكثير من منظمات العمل؛ في ظل تصاعد النقاش حول أهمية وضع حدود أكثر وضوحاً بين ساعات العمل والاستمتاع بالحياة الاعتيادية، ويتبنى هذا التوجه بعض الموظفين-خصوصا الشباب- في مواجهة بعض المطالبين باحترام الثقافة العامة في الالتزام الصارم بالعمل ومهام الوظائف، ويؤكد أصحاب هذا التوجه في بيئة العمل وعمل علة مكافحتها بيت الموظفين.
ولكن هناك بعض التطبيقات للخروج من هذا المنزلق، علينا معرفة الأسباب التي أوصلت هذا الموظف للحالة التي تأثر بها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر عدم التقدير والاحترام وضعف نظام المكافآت غير المنصف والترقية شبه المعدومة والتمييز بين الموظفين وعدم إشراك الموظف في العمل الجماعي وتقسيم الأدوار وقلة الحصص التدربية وإطلاع الموظف بمستجدات الوظيفة والمهام المحددة لإنجاز الأهداف الموكلة لهم.
والسؤال الملحّ؛ كيف يستطيع الموظف الخروج من غياهب الاستقالة الصامتة؟
مثال على ذلك، لو كان أحد الموظفين يمتلك الشغف والإبداع في عمل في الحسابات المالية أو التدقيق، لكن عمله الآن في وظيفة بعيدة عن مجال تخصصه في الوقت الحاضر، فهذا أمر نجد فيه جسد الشخص في مكان العمل وقلبه في مكان آخر، فيجب أن يعمل في المكان الصحيح ومن ضمن الاختصاص الذي يمتلكه حتى يتمكن من العمل بإخلاص وإبداع، فهذا يُعدّ نظام مجتمع ونظام عمل صحيحاً، وبدعم للطاقات الموجودة، فكلما كان نظام الدعم للموظفين الكفوئين كلما كانت الإدارة ناجحة، ولذلك استطاعت المنظمة الحَدّ من الظواهر غير المنتجة: إنَّ الحياة فيها كثير من المصاعب والمتاعب لابد من استثمار الأوقات والتوجه نحو هدف معيّن في الحياة، والابتعاد عن الخمول والكسل لكي لا ننتج استقالات صامتة هنا وهناك بالمستقبل المنظور.