أميرة صليبيخ

لطالما اعتبرت الرياضيات مادة لا نفع منها بالنسبة لي -سواء في الدنيا أو الآخرة- ونظراً لكوني خريجة من القسم الأدبي، فلست على علاقة وئام مع الأرقام بقدر علاقتي مع الحروف. ثم إن مواد الاقتصاد والإحصاء والفيزياء والكيمياء مثلها أيضاً، وكانت تمّثل مطّبات خطيرة في مسيرتي التعليمية، وكان لابد لي أن اجتازها بامتياز حفاظاً على صدارتي في الترتيب على المدرسة.

وبقدر ما كنت أؤمن بأن هذه معارف لن أستفيد منها في حياتي، كان البعض يرى خلاف ذلك خصوصاً صديقاتي من القسم العلمي. مع مرور السنوات ظلت علامة استفهام كبيرة ماثلةً أمام عيني حول المعارف والمهارات الواجب تعلمها والاستفادة الفعلية منها بما يصنع الفرق في حياتنا.

لقد استقينا منذ الطفولة كل ما نعرفه من والدينا ومحيطنا الصغير، وتم حشونا بالمعارف التي يعتقدون أنها الأصح والأنسب لنا وفق ما لقنهم إياه ذووهم وذوو ذويهم والقرون الغابرة. ثم اتسعت الدائرة لتشمل المدرسة والمدرسين والزملاء القادمين من عوالم مختلفة وربما من كواكب أخرى أيضاً. واستمرت الدائرة في التوسع والتشابك مع دوائر أخرى، وبقينا محصورين فيما تعلمناه فقط، كإسفنجة تشرّبت الماء حتى غصّت به. ما أريد أن أقوله بأنك تحتاج لتعلم الكثير من المهارات الحياتية والمعارف حتى تستطيع مجابهة العالم والتماشي معه، وبذلك وضعت قائمة مقترحة لما يجب أن نتعلّمه ونُعلّمه لأبنائنا.

أول مهارة هي التفكير المنطقي وحل المشكلات، فبطبيعة الحال يغلب على البشر التفكير بعاطفة دون الاستناد إلى الحقائق. لذلك هذه المهارة تعفيك من القيام بأخذ قرارات عشوائية غير سليمة. ثم تأتي مهارة الذكاء الاجتماعي والعاطفي، لأنها المفتاح لعلاقات صحية ومتوازنة، وهي ما يجعلك حياتك أكثر نعيماً أو جحيماً. كما أرى أن مهارة التخطيط للحياة ضرورة أساسية لتحديد قيمك ومعرفة أولوياتك دون أن تفقد بوصلتك في مسارات الحياة. إلى جانب مهارة التحدث والخطابة والتواصل الفعّال لأنها أقصر طريق للوصول إلى عقول وقلوب الآخرين، فطريقة كلامك وأسلوبك هي الواجهة التي تكشف الكثير عنك.

أيضاً مهارة بدء مشروعات صغيرة، لأنها تساعد على تحسين جودة حياتك وتعلّمك القدرة على اتخاذ القرارات وتحمّل المسؤولية. وأقترح أيضاً تعلّم القدرة على التعامل مع الضغط النفسي لأن الفوضى التي يمتاز بها هذا العصر كفيلة بأن تسبب الانهيار النفسي لأي شخص. وأخيراً تعلّم التعاطف مع البشر والحيوانات، فالعالم موجع بما فيه الكفاية ومن الواجب أن نخفّف على بعضنا بعضاً.