بسمة عبدالله
تعتبر القصة من أهم وأقوى وأسرع طرق التربية والتأثير في الآخرين، ليس الصغار من يستمتع بسرد القصص وحسب وإنما الكبار أيضاً يشعرون بالمتعة والسعادة عند سماع القصص المختلفة، فللقصة مفعول السحر في جذب القارئ أو المستمع على حد سواء، فعلى سبيل المثال عندما نجلس ونستمع إلى شخص يروي لنا تفاصيل مشوّقه لحَدَث مّا وقع في المجتمع الذي نعيش فيه أو في العالم من حولنا نصبح كلنا آذاناً صاغية صامتين متفاعلين مع ما يُسرد لنا من أحداث، ومفاجآت ومتشوّقين لسماع المزيد.
ومن هذا المنطلق تأتي الحكمة الإلهية في ذكر الكثير من القصص في القرآن الكريم لأخذ العظة والعبرة بطريقة تخلو من فرض الأوامر والشروط المباشرة والتي تملّها وتسأمها الطبيعة البشرية. (نحن نقص عليك أحسن القصص) الله سبحانه يقص على عبادة! ليعلمهم ويربيهم، والبعض من أهل العلم يعتقد ويستهزئ من إيراد وذكر القصص في خطابهم ظناً منهم أن هذا يهبط ويقلّل من مستواهم العلمي.
ومن أهم تلك القصص وأحسنها على الإطلاق قصة سيدنا يوسف عليه السلام لما تحويه من أمور تغيب عن الآباء والأمهات والمربّين والأبناء من جهة، ومَن يرأس ويرعى ويقوم على المجتمع من جهة أخرى.
وسأتكلم بإيجاز عن أهم المحاور التي تخصّ الأسرة والمجتمع، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وغاية في الحذر لما لها من آثار سلبية على الكيان الأسري الذي هو الخلية الأهم في بناء المجتمع.
• احتفظ بأسرار ابنك، وكن له ثقة حتى لا يبث أسراره لاحداً سواك والثقات من حوله (إذ قال يوسف لأبيه).
• تحبب إلى ابنك وناده بلفظ البنوة، اغرسها في قلبه صغيراً لعلها تثمر فيه البر كبيراً (قال يا بني).
• من واجب الآباء أن يكونوا حكماء في تعاملهم مع أبنائهم وخصوصاً إذا استشعروا الغَيرة بينهم، ليطفئوا نار الشر التي ممكن أن تشتعل بينهم حتى لو كانوا إخوة (لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً).
• العدل والمساواة أساس التعامل بين الأبناء، شعور التفرقة بينهم بإعطاء الحب والاهتمام لأحد الأبناء دون الآخر يولّد الكره والبغضاء بينهم ويُشعل الحقد والحسد (إذ قالوا لَيُوسُف وأخوه أحب إلى أبينا منا).
• التربية على التقوى وبُغض المنكرات ورفض ارتكاب الذنوب منذ الصغر يحمي الأبناء من السقوط في الشهوات والنزوات التي يواجهونها في خضمّ الحياة (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه). وهكذا هي الحياة... نتعلم من تجارب الآخرين من خلال ما نسمعه من قصص وأحداث مرّت بنا أو بغيرنا، وبدورنا ننقلها لمن حولنا لأخذ العبرة والاستفادة منها. وما أروع أن ننتقي تلك القصص بعناية واهتمام كما انتقاها الخالق عز وجل في قرآنه الكريم ونعتها بأنها أحسن القَصص.