أمل محمد أمين
تُعتبر الألعاب الإلكترونية جزءاً من الثقافة الحديثة، كما أنَّها أصبحت شائعةً جدّاً في مختلف أنحاء العالم، وتشمل هذه الألعاب العديد من الأنواع والأشكال، مثل الألعاب المحمولة، وأجهزة الحاسوب، وأجهزة الألعاب المنزلية، والألعاب الإلكترونية الجماعية التي تُلعب عبر الإنترنت. ومن المؤكد أن للألعاب الإلكترونية تأثيراً على سلوك الأطفال، وهناك بعض الدراسات التي تشير إلى عدد من الآثار الإيجابية والسلبية لتلك الألعاب، لكن هناك فكرة ذهنية سائدة عن الألعاب الإلكترونية التي يعتقد العديد من الأهل أنها خطر كبير وعدو يترصد أولادنا، على الرغم من أنها من الناحية الإيجابية، تساعد الأطفالَ في تحسين مهاراتهم الإبداعية والتفكير النقدي والمهارات الإدراكية والتواصل مع الآخرين، كما أنها قد تساعد في تحسين قدرات الأطفال على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة.
وتوضح بعض الدراسات الحديثة أنه ليس بالضرورة أن تكون هذه الألعاب ضارة، فقد تؤدي ممارسة ألعاب الفيديو إلى تحسين الصحة العقلية، بل تجعل مستخدمها أكثر سعادة، وفقاً لدراسة علمية استخدمت بيانات الصناعة من شركات الألعاب لتحليل رفاهية اللاعبين. وبحسب تلك الدراسة التي قام بها مجموعة من الباحثين في جامعة أكسفورد البريطانية جمعوا بيانات أكثر من 3 آلاف لاعب، وتم طرح مجموعة أسئلة بشأن صحتهم العقلية، مع الأخذ في الاعتبار المدة الزمنية التي لعبها كل شخص، وكانت هي المرة الأولى التي تتمكن فيها دراسة كهذه من ربط الاستبيانات النفسية بوقت اللعب الفعلي داخل اللعبة.
وأوضحت الدراسة أن الميزات الاجتماعية للألعاب، التي تسمح للاعبين باللعب مع أصدقائهم، يمكن أن تكون أحد الأسباب التي تجعل الناس يشعرون بالسعادة.
وذهبت دراسة أخرى أجراها كل من الصندوق الوطني لمحو الأمية (NLT) وجمعية الترفيه التفاعلي في المملكة المتحدة (يوكاي)، التي تمثل الشركات العاملة في صناعة ألعاب الفيديو، وشركة نشر الكتب (Penguin Random House)، وشرعت هذه الدراسة في استكشاف تأثيرات الألعاب على محو أمية الأطفال في المدرسة. قد تم مسح ما يقارب 5 آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عاماً في المملكة المتحدة، ليكشف البحث مفاجأة جديدة هي أن ألعاب الفيديو يمكن أن تدعم مهارات القراءة والكتابة والإبداع والتعاطف.
وأوضح 79% من الأطفال الذين شاركوا في الاستطلاع أنهم قرؤوا الكثير من المعلومات عن ألعاب الفيديو، بما في ذلك الكتب والمراجعات والمدونات والاتصالات داخل اللعبة، وعبر 35% عن شعورهم بأن ألعاب الفيديو تجعلهم قراء أفضل.
وأظهر البحث أن الألعاب يمكن أن تجعل الأطفال أكثر إبداعاً، وأنها يمكن أن تساعد على التواصل مع الآخرين بشكل أفضل، حيث قال 65% إن الألعاب ساعدتهم على تخيل كونهم أشخاصاً آخرين.
وقال 76% ممن شاركوا في الدراسة، وكانوا يتحدثون إلى أصدقائهم عن الألعاب: إن ذلك ساعدهم في بناء علاقات اجتماعية فضلى.
وكان للألعاب أيضاً تأثير إيجابي على الصحة العقلية لأولئك الذين شملهم الاستطلاع، حيث شعر كثيرون بأن ممارسة الألعاب الإلكترونية ساعدتهم على التعامل بشكل أفضل مع المواقف العصيبة والمشاعر السلبية.
وكما للألعاب الإلكترونية آثار إيجابية فإن لها آثاراً سلبية، حيث يمكن أن تؤثر على السلوك الاجتماعي للأطفال، وقد تزيد من اضطرابات النوم وتقليل النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي في العالم الحقيقي. فضلاً على أن بعض الألعاب الإلكترونية العنيفة يمكن أن يؤدي إلى زيادة الميل إلى العنف والعدوانية لدى الأطفال، وهذا يعد من الآثار السلبية التي تحتاج إلى متابعة ومراقبة من قبل الآباء والأمهات.
وللحد من الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية على سلوك الأطفال، ينبغي على الآباء والأمهات مراقبة وقت استخدام الأطفال للألعاب الإلكترونية وتوفير أنشطة إيجابية بديلة فعالة لهم.