زهراء حبيبالوضع أخطر من السابق، فأطفالنا يتعرضون للتحرشات وهم يجلسون "بيننا" دون أن نعلم، وفي ظل انتشار جائحة "كورونا"، انشغل أطفالنا باللعب عبر "الأون لاين" وأصبحوا فريسة سهلة للمتحرشين، سواء في أثناء لعب "اللودو" أو "الفورتنايت" وحتى "الببجي" وغيرها، حيث يبدأ المتحرش من اللعب مع الطفل حتى يستدرجه إلى خارج المنزل لتحقيق مآربه الخبيثة.وقال مدير حملة "ما بنسكت" لحماية الأطفال من التحرش الجنسي ورئيس مبادرة إشراقات، محمد بدر السيد لـ "الوطن" في حواره التفاعلي عبر الواتساب في مجموعة "الأسرة": إنه في ظل التطورات التكنولوجية ظهرت وسائل جديدة وسهلة للتحرش.وأوضح: "في السابق كنا نحذر أطفالنا من الخروج من المنزل خوفاً عليهم من الغرباء خارج أسوار المنزل، حتى بات الخوف يتربص بهم وهو بالداخل في عالم أكبر من الخارج".وأضاف: "يتعرض أطفالنا للتحرشات على يد الغرباء وهم "بيننا"، وأصبحوا أكثر عرضه للتحرش مع جائحة كورونا، التي عززت دور الألعاب الإلكترونية في ملء أوقات الفراغ لدى الطفل، وأصبحوا لقمة سائغة للمتحرشين عبر الألعاب الإلكترونية" الأون لاين".وإلى نص الحوار.."قروب الأسرة": كيف نوصل رسالة لأطفالنا بأن بعض التصرفات تقع تحت سقف "التحرش"؟بتوعية الطفل عن طريق اللعب والأفلام التربوية والتوعوية عن مفهوم وفكرة التحرش، وحملة ما بنسكت هدفها توعية الطفل من 4 سنوات إلى ما دون 12 سنة بما يعنيه التحرش؛ فالطفل لا يدرك الأمر بمصطلحه اللفظي فيتم استبدالها باللعب والتمثيل والرسم.ومن خلال اللعب يتعلم الطفل وجود أماكن في جسمه خاصة ممنوع لمسها، وأنها أمانة أعطاها الله إياها فلا يسمح لأحد برؤيتها أو لمسها، وعن طريق اللعب يتم إيصال الرسالة بصورة مبسطة للطفل.ويجب إخبار الطفل بصورة مباشرة ماذا يفعل لو قام أحد قريب أو غريب بلمسه في الأماكن الممنوعة، وأولها الصراخ ثم الهروب وآخرها إبلاغ أهله، لذلك سميت الحملة "ما بنسكت" وهي أصبحت منهجا يدرس في المدارس."قروب الأسرة": كيف نبين للطفل مفهوم اللمسة الخبيثة واللمسة البريئة؟أولاً، نعلم الطفل أن هناك أماكن خاصة وأخرى عامة في جسمه، ونعلمه المكان الخاص الممنوع لمسه ورؤيته، والأعضاء الأخرى الظاهرة كالرأس مثلاً ممكن لمسها.ونشدد بأن الأماكن الخاصة ممنوع منعاً قاطعاً لمسها، أما العامة فممكن لمسها لكن في حال شعر بعدم الراحة من خلال تصرفات الشخص، فيقوم بذات الأمور السالف ذكرها وهي الهروب والصراخ وإبلاغ الأهل."قروب الأسرة": معظم حالات التحرش تكون من قبل أشخاص نعرفهم ونثق بهم هل هذا صحيح؟صحيح.. الدراسات تثبت أن التحرشات من الأقارب أكثر من الغرباء، والسبب هو أن الطفل يعطي الثقة والأمان للطرف المتحرش، فالتحرشات من الأقارب أكثر من الغرباء، وحملة "ما بنسكت" تحمل رسالة وهي أن يثق الطفل بذاته ويدافع عن نفسه، ويرفض الخضوع للمتحرش كائنا من كان.كما يتم إعلام الطفل برفض الهدايا من الغرباء أما الأقرباء فيقتصر ذلك بحضور الوالدين، وأن يتم الاتفاق مع الطفل في حال تم إهداؤه لعبة أو هدية ما من أحد أقربائه أن يتم إعلامهم مباشرة بالأمر، حتى يعلم المتحرش أن الطفل كتاب مفتوح أمام والديه فيخاف من الاقتراب منه بأي شكل من الأشكال."قروب الأسرة": ما نراه من حالات معروفة هو قمة الجبن.. وهناك حتما حالات مسكوت عنها داخل دهاليز البيوت.. كيف تقرأ واقع مشكلة التحرش من جهة والاعتداء من جهة أخرى؟يجب أن نفرق بين التحرش والاعتداء الجنسي.التحرش هو ملامسة الطفل في الأماكن الممنوعة أو يطلب منه ملامسه جسد المتحرش، أما الاعتداء الجنسي فجريمة المواقعة الفعلية على الطفل، والسكوت عن حق الطفل المتعرض للتحرش، يخلق منه شخصا مضطربا نفسياً في المستقبل، ويؤثر على حياته الزوجية والعملية.لدينا وصمة عار وهي "كيف أقول إن طفلي تعرض للتحرش" وهو ما يجعل المتحرش يتمادى في جرمه مع أطفال آخرين، ولكن يجب يجب التفكير في حالته النفسية مستقبلاً.ووقف التحرش وعدم السكوت عنه لا يقف على الأسرة فقط، بل هو أمر ممتد إلى أفراد المجتمع، فتقع علينا مسؤولية الحد من هذه الممارسات ووقفها بعدم كتمانها وغض البصر عنها في حال شاهدنا مثل هذه المواقف."قروب الأسرة": كيف يمكن أن نشرح للطفل طريقة اللمسة الخبيثة ليميز الفرق، فربما سنثير فضوله بشكل أكبر؟يجب على الوالدين فتح باب الحوار والمصارحة مع أطفالهم، لتكون حياتهم كتابا مفتوحا، ويجب أن نقبل كلام الطفل بكل ما فيه من مصطلحات مقبولة أو مرفوضة، حتى لا ينقطع حبل الحوار بينهم، مع مراعاة فئتهم العمرية ونعلمهم اللمسة الخبيثة والبريئة، كونه لو ترك الأمر سوف يتعرض الطفل للتحرش دون أن يدرك الموقف وكيفية التصرف.ويفضل تعليم الطفل بمفهوم التحرش دون خجل، ونعلمهم عملياً " بتحفظ" وعلى حسب فئتهم العمرية، فما هو مهم إدراكه أن "اللمسة اللي ما تريحك معناها في أمر مريب"."قروب الأسرة": كيف نوصل للأطفال معلومة أن يحمي نفسه في حال كان سنهم صغيراً، وكيف يستطيع إبلاغ والدته مثلاً أنه تعرض للتحرش؟من خلال الألعاب التربوية لعبة "للمسات الصحيحة والخاطئة"، ووضع رداء أحمر للأماكن الممنوعة في جسم الطفل، وتعليمه مهارات التعامل مع الموقف وهي الصراخ ثم الهروب وإبلاغ الأسرة.ويجب منعه من أخذ الهدايا سواء من القريب أو الغريب، وفي حال تلقى هدية من قريب، يجب أن يخبر والديه بالأمر فوراً، ويجب إدراك أمر واحد هو أن الطفل يتعلم باللعب والرسوم الكرتونية."قروب الأسرة:" ماهو التحرش الإلكتروني وهل ازدادت الحالات مع جائحة كورونا؟جائحة كورونا دفعت الأطفال لقضاء وقت الفراغ في لعب الألعاب الإلكترونية "الأون لاين" أكثر من السابق.سابقاً كنا نخشى من تعرض أطفالنا للتحرشات الجنسية خارج أسوار المنزل، ولكنهم باتوا الآن يتعرضون لتلك المواقف أمام أعيننا دون أن ندرك ذلك، من خلال لعبة إلكترونية، فهناك عدة مواقف تعرض فيها الطفل للتحرش في "الببجي" و"اللودو" دون علم أسرهم.هناك مرضى نفسيون يستغلون الأطفال، وهم مصابون بما يعرف بـ"الولع بالأطفال"، ويبحثون عن هذه الفئة العمرية ليتم استدراجهم، حيث تبدأ العملية من كلمة "شخبارك" وتنتهي بالتحرش اللفظي أو الجسدي بالطفل.هناك أطفال تعرضوا للابتزاز في مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن تمت قرصنة حساباتهم، وكان الخيط الأول هو لعبة إلكترونية، فهناك شخص يعرف بـ"الساحر الإفريقي" يلعب "الفورتنايت" ويبدأ مع الضحية بالمزح واللعب، ثم يقوم بقرصنة حساباتهم وابتزازهم، هذا العالم الافتراضي الذي يعيش فيه أطفالنا.ولتدارك الأمر يجب على الوالدين تعلم ماهية هذه الألعاب الإلكترونية، وكيف يتم لعبها لمعرفة ما يواجهه أطفالهم في هذا العالم وما يتعرضون له من مواقف."قروب الأسرة": ماهي القواعد التي يجب وضعها لمنع ذلك؟يجب عدم ترك الطفل يلعب وحده في الغرفة، ويمنع استخدام المايك والشات "المحادثة" في الألعاب الإلكترونية، فالمتحرش يبحث عن الثغرات والمخارج في تلك الألعاب الإلكترونية، كما يجب زرع الرقابة الذاتية في الطفل بأن "الله يجوفك"."قروب الأسرة": هناك عوامل وأسباب تجعل الطفل يستسلم لهذه الأمور، ما هي؟أهم العوامل لتعرض الطفل للتحرش هو عدم الوعي "بأن هذه اللمسة خطأ وخبيثة" وهذا اللفظ مرفوض، لذلك يجب تثقيف الطفل بالتربية "الجنسية"، وعدم إعطاء الثقة العمياء للأقرباء، وتعزيز ثقة الطفل بنفسه.المتحرش شخصية ضعيفة ويخاف، فإذا علمنا الطفل كيف يحمي نفسه بالصراخ والهروب وإبلاغ الأهل فلن يقترب منه أصحاب النفوس الدنيئة."قروب الأسرة": ما هو التصرف القانوني من قبل الأسرة تجاه المتحرش؟يجب الحرص على إعلام طفلك أن هناك وحدة خاصة بالجرائم الإلكترونية، في حال تعرض للابتزاز بأشياء، أو حتى توزيع الصور على مواقع السوشل ميديا، وأن القانون سيأخذ مجراه مع المتحرشين، ويجب ألا تسكت عن حقك، ليشعر بالأمان، لكن هناك مشكلة وهي عدم وجود رقابة على الألعاب الإلكترونية."قروب الأسرة": كيف أحمي طفلي من التحرش الإلكتروني بالألعاب ومواقع التواصل الاجتماعي؟الطفل لا بد من أن تكون لديه مراقبة ذاتية وأن "الله يجوفك"، في هذه الأيام الطفل يجلس بقربك ولا تعلم ماذا يفعل بجواله، ومن الممكن أن يتصرف تصرفات تفاجئ أهله، فالبعض يقول: "طفلي حلو شلون سوا هالتصرف"، حيث هناك شخصية مغايرة لطفلك وراء الشخصية الوهمية في العالم الافتراضي.لذلك الصراحة بين الوالدين والعلاقة الطيبة والثقة والمكاشفة بين أفراد الأسرة هي أساس كل شيء، كما يجب وضع قوانين في المنزل، وهي اللعب مع أفراد الأسرة وأمام أسرته وليس بغرفة وحيداً، وعدم تشغيل "المايك" أو "السماعة" أي لا يتحدث ولا يسمع، فضعاف النفوس يستغلون صغر السن واللاعبون يتلفظون بألفاظ غير مناسبة وهو يكتسبها، كما يجب تحديد ساعات للعب.أما الأطفال بعمر المراهقة، فيجب إبرام عقد سلوكي معهم، وفي حال المخالفة يكون هناك عقاب، لكن دون إفراط ولا تفريط، فعند الشد الزائد عن الحد سيخرج للعب في الخارج، والرخاء سيؤدي لعواقب وخيمة لا تحمد عقباها، لذلك الحوار سيد الموقف لوضع النقاط على الحروف."قروب الأسرة": التحرش الجنسي قد يكون لفظيا أو فعليا، فما هي الأمور التي يجب أن نعلمها أطفالنا من أجل حمايتهم؟التحرش اللفظي أساسه الكلام والكلمات البذيئة، ويجب تعليم الطفل الأماكن الممنوع لمسها أو التحدث عنها وتعليمه المهارات السابقة وأهمها "لا تسكت" لأنه من الممكن أن يصل الاستدراج إلى الاعتداء الجنسي."قروب الأسرة": كيف أكون قريبا لأطفالي، إلى درجة تسمح لهم بالحديث دون قيود؟اتبع مقولة "ابنك لاعبه سبعاً وأدبه سبعاً وصاحبه سبعاً"، وكون علاقة قوية مع أبناءك وتطبيق هذه المقولة بحياتنا يخلق أسرة متماسكة."قروب الأسرة": كيف أتعامل مع الطفل بعد تعرضه للتحرش؟الطفل بعد وقوع التحرش عليه يمر بحالة نفسية صعبة جداً، لا بد من أن نلاحظها من خلال تصرفاته، منها عدم النوم أو الأكل، والانعزال، فمثل هذه العلامات تشير إلى الحالة النفسية التي يمر فيها الطفل في حال عدم حديثه والتعبير عما بداخله، ويجب معالجة الوضع بأن يعرف الطفل بتحركات وردات فعل أسرته التي تدافع عن حقه ولن تسكت عنه، كما أن هناك جهات معنية وصاحبة الاختصاص لتقديم المشورة النفسية.