الدكتورة حنان العيد«كن لابنك معلماً وهو طفل، وصديقاً حين يكبر». «جذور التربية مريرة، ولكن ثمارها حلوة». «الأولاد بحاجة إلى نماذج، أكثر منهم إلى نقاد».يتردد على مسامعنا كثير من الحكم والأقوال التي نسمعها ونحفظها عن ظهر قلب، ولكن شتان بين الحفظ والتطبيق. فغالباً ما يصطدم الأهل خلال تربيتهم أطفالهم بالصعوبات التي تشعرهم أحياناً بالعجز وعدم قدرتهم على مواصلة المشوار الطويل، لما تحتويه من عراقيل تفقدهم صبرهم وأعصابهم وتصل بهم إلى حد الشعور بالفشل الذريع.إن تربية الأطفال بحاجة إلى كثير من الوعي والحكمة والجهد، كما أنها بحاجة ماسة إلى كثير من الحب؛ فالتربية بالحب هي أول خطوة لإشباع العاطفة عند الطفل وتكون الحجر الأساس في تكوين شخصيته. ويعاني الأهل كثيراً من عدوانية أولادهم وقسوتهم وعنادهم، ولكن في الحقيقة إن كل هذه التصرفات ما هي إلا دلالات على حاجة أطفالهم للاهتمام والشعور بالحب.إن مشكلات الحياة تبعدنا أحياناً عن أطفالنا؛ فالأم والأب على السواء عندما يعودان في المساء إلى البيت مجهدين من أعباء الحياة، لا يكون لديهما المتسع الكافي من الوقت للجلوس مع أولادهم واحتضانهم وضمهم ومعرفة ما يدور في عقولهم الصغيرة، في المقابل تكون ردة فعل الأولاد تجاه هذا الإهمال والإغفال، وبهدف لفت الانتباه وللحصول على حاجتهم من الرعاية والحب، الفشل في الدراسة والعناد والإهمال والرفض.من هنا علينا قبل كل شيء ولنعوض هذا الحرمان الذي يعاني منه أطفالنا أن نحضنهم ونحتضنهم، ليكن وقت الغداء مخصصاً للاستماع إليهم، إن جلوس الأهل مع أولادهم على طاولة الطعام وتبادل أطراف الحديث معهم، يشعرهم بوجودهم ويشعرهم بالدفء والحنان وبأهميتهم كعنصر مهم وأساسي من العائلة. لهذا علينا ألا نغفل أبسط الأمور التي تعزز من ثقتهم بنفسهم وتقوي شخصيتهم. وفي المساء لتجلس العائلة مجتمعة وتتناقش في قضايا الحياة على مسمع أولادها؛ فالقيم تغرس في نفوس أطفالنا بهده الطريقة دون أن نشعر. إن أولادنا اليوم هم كالعجينة نشكلها كيفما نشاء ونزرع فيها ما نريد من أفكار وقيم ليصبح أطفالنا رجالاً ناجحين في المستقبل.ومما لا شك فيه أن القدوة أحد أهم الوسائل التربوية المتبعة في التربية وذلك لفاعليتها، وتعد أكثر الوسائل تأثيراً، وبدون هذا التطبيق الواقعي تكون التوجيهات كتابة على الماء لا أثر لها في قلوب المتلقين وعقولهم.ولهذا نحن مطالبون جميعاً كأهل بأن نكون هذه القدوة الجيدة أمام أولادنا، فلا يكفي أن نقول ونشرح ونكرر القول وننتقد، إنما المهم هو الفعل، فهم لا يحفظون ما نقول إنما يكررون ما نفعل، إن أطفالنا لا يستمعون إلينا، بل يقلدوننا؛ لذا علينا أن نحذر ما نمارسه اليوم في حياتنا، لأن أولادنا سيطبقونه في الغد القريب، دون إدراك منهم إذا كان صحيحاً أو خطأ.