دكتورة حنان عبدالحميد
اختيار الشريك عزيزتي المرأة...! بغض النظر عمّا إذا كنت تشعرين بانجذاب مع من تريدين الارتباط به أو تحبينه بالفعل، فإن ذلك وحده لا يعني أبداً أن ذلك الشخص سيصبح زوجاً صالحاً! للأسف، كثير من الفتيات لا يستطعن معرفة ما إذا كان شخص ما يصلح لأن يكون زوجاً صالحاً في المستقبل أم لا؟!... وبعض الزيجات تنتهي بالطلاق القريب رغم أنها بُنيت على قصص حبٍ طويلة، في حين أن زواجاً تقليدياً قد يستمر بنجاح طيلة العمر.

لنوجّه البوصلة بالشكل الصحيح أريد أوجه القارئ إلى أن كلامي وإن كان موجهاً إلى الفتيات أو النساء اللاتي يسعين لاختيار زوج أو لمعرفة أهلية شخص ما ليكون زوجاً صالحاً، فإن كلامي موجه بطريق غير مباشر إلى الشباب والرجال ممن يريدون معرفة صفات الزوج الصالح ليقيسوا أحوالهم عليها! اعتاد الشباب والفتيات على اختيار الشريك الذي لديه الإمكانات المادية والخَلقية والخُلقية متناسين أن ذلك كله قد لا يكون كافياً لزواج ناجح!

ماهي معايير الشريك الصالح؟ يعد تحمل المسؤولية من الأركان الأساسية التي ينبني عليها الزواج الناجح؛ فالزوج الصالح عادة ما يقدّم مصلحة شريكه في الحياة ويفكر فيه وفي كل شؤونه، ولا أعني هنا التفكير العاطفي أو الجنسي، وهما إن كانا مطلوبين أيضاً للزواج الناجح، إلا أنني أعني هنا التفكير «المسؤول» فالشريك الذي يتذكر شريكه على كل أحواله ويهتم لما قد يعتريه هو زوج صالح، فلو وجدت شخصاً ما يقدم أصدقاءه وشؤونهم عليك فليس هذا أبداً بالشخص المناسب!

يمكنك التفكير والاهتمام بالأمر الذي يقع فيه صديق أو زميل أو قريب، لكن عند مفاضلة الأولويات بين الشريك وغيره تكمن الفائدة؛ إذ إن الشريك الصالح عادة ما يجد في نفسه ما يشعره بالمسؤولية الأدبية والقانونية والدينية تجاه شريكه، وهو ما لا يشعر به أحياناً تجاه الأصدقاء والأقرباء إلا من الدرجة الأولى منهم، لذلك فإن معاملة الزوج لزوجه معاملة الأب لابنه والأم لابنها هي من صميم تلك المسؤولية التي يجدها الزوج الصالح.

الزوج الصالح دائماً يقف بجوار شريكه ولا يسلمه أبداً لليأس أو للشعور بالخذلان، ففي حين نجد بعض الأصدقاء أو الأقرباء لا نجدهم بجوارنا وقت المحن، فالشريك المناسب والزوج الصالح هو من تجده وقت الشدة. وإذا كنا نؤمن بأن «الصديق وقت الضيق» فإنه من الدقيق إذاً أن نقول إن الشريك الناجح هو الصديق الحقيقي. يجده الواحد منا عند الاحتياج ويشعره أنه بجواره يدعمه للأبد.

مع كونه من المستحسن أحياناً بين الشريكين أن يشعرا بطيش الحب والمراهقة، إلا أن النضج في العلاقة بين الزوجين الحاليين أو المحتملين من الأهمية بمكان لنجاح ذلك الزواج، فرغم أن الغيرة مثلاً من علامات الحب، لكن نضج الشخص وثقته في الشريك لا ينبئ فقط بنجاح العلاقة بل يلقي على الطرف الآخر مسؤوليةً نفسيةً وأدبيةً تجاه شريكه، فلا يمكن تصور الخيانة مثلاً ممن لديه المسؤولية تجاه الآخر ويجد في الحين ذاته ثقة عمياء من شريكه.

قد نجد بعض من نحب يتحكم بنا وفي علاقتنا بالآخرين، لكن دائماً ما يفرق الشريك الناجح بين التقييد والثقة. فحتى لو كان يشعر بضيق من محادثات مع زميل أو قريب معين لكنه يلمح أو يعرض، لكن لا يصرح لثقته بشريكه أنه واعٍ وناضجٍ ولن يقترف خطأً في حق نفسه قبل حق شريكه. ولذلك نجد أن الزوجة التي تمنح ثقة كبيرة لزوجها الذي يعرف جيداً معنى المسؤولية تجاهها وتجاه أبنائهما من القليل النادر أن تجد غدراً أو خيانة من ذاك الزوج!

الشريك الناجح يستعمل عادةً لغة الجمع باعتبار أنه هو وشريكه وحدة واحدة. فلا يقول «أنا أو أنت» بل يقول «نحن»، يشرك الزوج الناجح دائماً نصفه الآخر في كل أموره وخاصة المهمة. ليس ذلك فحسب بل يشعر بأن نجاح نفسه كنجاح شريكه والعكس صحيح. فيعترف دائماً بعقلية شريكه ويدعمه في قراراته ويساعده على تحقيقها، فلا يشعر أبداً بغضاضة في أن يضحي من أجل شريكه بل يشعر بمسؤولية تجاه نجاحه.

فلا يشعر بحلاوة التفوق والإنجاز ما لم يصل نصفه الآخر لما يسعى إليه، وهنا يحضرني قول قد يبدو غريباً في زماننا بين الأصدقاء والشركاء والأزواج، وهو قول الصحابي أبي بكر عن نبي الإسلام: «فشرب حتى ارتويت» وهو يصف موقفاً كان فيه أبوبكر عطشان، لكن المحب الصادق يجد من نفسه ريّاً وشبعاً من ارتواء وشبع محبوبه! وفي الختام أنبه إلى أنه ليس كل من يدعي الحب والهيام صادقاً أو زوجاً صالحاً، لكن تلك الصفات قد تخبرك عن حقيقة الأمر.إذا وجدت من شريكك الأفعال التالية فاعلم/ي أنه مشروع زواج ناجح يفي بعهوده أمام الجميع ويسعى في إعلان ذلك! يحبك على الوجه الذي أنت عليه ولا يجبرك على التخلي عن هويتك وحياتك ومهنتك من أجله! يسعى دائماً للاستماع إليك وإلى نصائحك ويشركك في همومه! يشعر بحب ممزوج بمسؤولية تجاه شريكه!