رؤى الحايكي
إن عدم رضا الإنسان عن نفسه وعدم قناعته بما أنعم الله عليه من نعم يتحول مع الأيام لحقد دفين وغل يطفئ نور قلبه، هذا الحقد أساسه شعوره بالنقص وقلة الحيلة مقارنة مع الآخرين. ونلاحظ للأسف الشديد من خلال علاقاتنا الاجتماعية بتنوعها زيادة انتشار هذه الصفة المذمومة «الحقد» عند الناس مؤخراً والتي باتت واضحة من خلال أقوالهم وأفعالهم. أن القلوب التي يستوطنها الحقد تفقد احترام المحيطين بسبب إدمانها على افتعال المشكلات في أوساط العائلة أو العمل حيث إنها تشكل عنصر هدم ومصدراً للطاقة السلبية لمن حولها.

ويعاني الحاقد كثيراً من نيران الحقد، ويعيش أكذوبة مفادها أنه أفضل الناس وهو الوحيد الذي يستحق أن يحصل على الأمور الجيدة في الحياة من صفات شخصية أو اهتمام من جهة الآخرين وصولاً للمقتنيات المادية. ويشعر كذلك بمسؤولية تجاه نفسه لكي يعيد الأمور لنصابها ويبقى هو الأفضل عن طريق عرقلة فلان أو افتعال مشكلة ما والتخلص من زميل أو زملاء أو حتى التدخل لتفرقه الأقارب وسط العائلة. ويعتبر الحقد من المشاعر الإنسانية السلبية بل ويصنف مرض نفسي يؤدي إلى البغضاء بين الناس ويقضي على العلاقات الإنسانية ويتسبب بالضرر للشخص الحاقد نتيجة كثرة الأفكار السلبية التي تراوده. والحقد مصدر الشر في المجتمع الإنساني، فالمجتمع الذي يكثر فيه الحاقدون لا يعرف الوحدة ولا يصل أبدا إلى التماسك.

ومن معاني الحقد «الضغن والانطواء على البغضاء وإمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها، أو سوء الظن في القلب على الخلائق». والمعروف بإن الحقد يزيد من إفراز هرموني الأدرينالين والكروتيزول اللذان يؤثران سلبياً على كل خلية من خلايا جسم الإنسان، ومع الوقت يؤدي ذلك لإصابة جسم الإنسان بالسقم وبالأمراض المميتة. يقول الدكتور منير أبو العلا، أستاذ جراحة الأورام بجامعة القاهرة، “المشاعر السلبية كالغل والحقد والاكتئاب تتسبب في ضعف جهاز المناعة، وهو ما يجعل الإنسان عرضة بدرجة كبيرة للإصابة بالأورام السرطانية التي تنتشر أسبابها من حولنا». لذلك وجب التخلص من صفة الحقد، وعدم الوقوع كفريسة للحيل النفسية اللاشعورية التي يلجأ لها الإنسان لكي يبرر لنفسه شعوره بالحقد تجاه الآخرين. ولا يمكن فعل ذلك إلا عن طريق مكاشفة الذات ومحاصرتها في زاوية لمواجهتها بقسوة. وأيضاً من المهم الابتعاد عن أولئك البشر السلبيين والحاقدين، فالحقد معدي لذلك أستهدف ديننا الإسلامي إضعاف الحقد والكراهيةَ والغل في نفس الإنسان والتركيز على ملء القلوب بالمحبة والابتعاد عن الحقد والحاقدين.