رؤى الحايكي
في عالم يتسارع فيه السحر الأبيض من حولنا نلاحظ أننا للأسف نفتقد مهارات كثيرة كانت تلعب دوراً أساسياً في علاقاتنا الاجتماعية منها قدرتنا على الإصغاء الجيد أو ما يسمى (بالسحر الأبيض). نكره الاعتراف بذلك لكنها الحقيقة، نحن لم نعد نستمع للآخرين كما كنا نفعل في السابق، لم نعد نملك الوقت لكي نفهم أفكار ومشاعر من يتكلم أمامنا ولم نعد نخوض تلك الحوارات التي تتسم بمراعاة البعد الإنساني والوجداني والفكري لمن يتكلم وهو يريد منا أن نستوعب ما يجول في عقله وقلبه. إن إحساسنا بأن الوقت يداهمنا هو المسيطر على المشهد، فلا مجال كي نقرأ ما وراء الكلام أو ما بين السطور، الكل على عجلة من أمره، والكل واقع لا محالة فريسة سوء الظن بالآخر نتيجة استباق الفهم والبعد عن واقع الحال. قال أوليفر ويندل هولمز الابن وهو قاضٍ في المحكمة العليا الأمريكية: (إن أكثر الطرق فاعلية للتقرب من الآخرين والارتباط بهم في صداقات هو أن تستمع إليهم بتفهم وتعاطف، فهناك القليل من الناس ممن يمارسون السحر الأبيض المتمثل في ممارسة مهارات الاستماع والإنصات الجيد). ويمكن تعريف الإنصات الجيد (على أنه الاستماع مع القدرة على قراءة ما خلف الكلمات، وفهم موقف المتحدث ولغة الجسم التي يبديها، وتقمص اللهجة العاطفية التي ترسمها كلماته، ويعتبر الإنصات أحد سمات التحضر وهو أحد مبادئ الإتيكيت وأصول وآداب الحديث والحوار). إن معظم مشكلاتنا مع من حولنا تكمن في الترجمة الخاطئة للحوارات وعدم فهم مشاعر الطرف الآخر ورغباته بسبب التسرع في خوض الحوارات واللامبالاة بما يقوله الآخرون عن طريق مقاطعة الحديث أو الحكم على المتحدث قبل إنهاء كلامه. إن كل ذلك يخلق مشكلات ومسافات بين الناس ويضر بالعلاقات الاجتماعية على اختلافها، ومن السهل جداً تمييز المستمع «غير الجيد» فهو يقاطع المتحدث على الدوام أو يستحوذ على الحوار ويتحكم به، وهناك من يتفوق على ذلك في اللامبالاة فنراه يستخدم الهاتف منشغلاً بحجة إنهاء أعماله وهو يتحدث محاوراً الآخرين وأحيانا يعبث بأشياء أخرى غير مهمة. وهناك من هو مشغول البال في قلق على الدوام يفكر في إجابات للأسئلة التي لم تسأل بعد في أثناء الحوار وهو شارد الذهن لا يدرك ما يدور من حوله، مهمته الاعتراض على كل شيء يقال. إن كل هؤلاء يصنفون مستمعين غير جيدين لا يصغون لمن يتكلم أمامهم، بل لا يهمهم معرفة ما يدور في عقله أو قلبه وكنتيجة تتضرر علاقاتهم وينتهي بهم الحال في زاوية اللامبالاة والأنانية. لقد خلق الله لنا لسانا واحداً وأذنين اثنتين لكي نستمع أكثر مما نتكلم ولكننا لأسباب كثيرة نعرف بعضها ونجهل البعض الآخر نتكلم بلا توقف ونركض في هذه الدنيا أيضاً بلا توقف.
{{ article.visit_count }}
في عالم يتسارع فيه السحر الأبيض من حولنا نلاحظ أننا للأسف نفتقد مهارات كثيرة كانت تلعب دوراً أساسياً في علاقاتنا الاجتماعية منها قدرتنا على الإصغاء الجيد أو ما يسمى (بالسحر الأبيض). نكره الاعتراف بذلك لكنها الحقيقة، نحن لم نعد نستمع للآخرين كما كنا نفعل في السابق، لم نعد نملك الوقت لكي نفهم أفكار ومشاعر من يتكلم أمامنا ولم نعد نخوض تلك الحوارات التي تتسم بمراعاة البعد الإنساني والوجداني والفكري لمن يتكلم وهو يريد منا أن نستوعب ما يجول في عقله وقلبه. إن إحساسنا بأن الوقت يداهمنا هو المسيطر على المشهد، فلا مجال كي نقرأ ما وراء الكلام أو ما بين السطور، الكل على عجلة من أمره، والكل واقع لا محالة فريسة سوء الظن بالآخر نتيجة استباق الفهم والبعد عن واقع الحال. قال أوليفر ويندل هولمز الابن وهو قاضٍ في المحكمة العليا الأمريكية: (إن أكثر الطرق فاعلية للتقرب من الآخرين والارتباط بهم في صداقات هو أن تستمع إليهم بتفهم وتعاطف، فهناك القليل من الناس ممن يمارسون السحر الأبيض المتمثل في ممارسة مهارات الاستماع والإنصات الجيد). ويمكن تعريف الإنصات الجيد (على أنه الاستماع مع القدرة على قراءة ما خلف الكلمات، وفهم موقف المتحدث ولغة الجسم التي يبديها، وتقمص اللهجة العاطفية التي ترسمها كلماته، ويعتبر الإنصات أحد سمات التحضر وهو أحد مبادئ الإتيكيت وأصول وآداب الحديث والحوار). إن معظم مشكلاتنا مع من حولنا تكمن في الترجمة الخاطئة للحوارات وعدم فهم مشاعر الطرف الآخر ورغباته بسبب التسرع في خوض الحوارات واللامبالاة بما يقوله الآخرون عن طريق مقاطعة الحديث أو الحكم على المتحدث قبل إنهاء كلامه. إن كل ذلك يخلق مشكلات ومسافات بين الناس ويضر بالعلاقات الاجتماعية على اختلافها، ومن السهل جداً تمييز المستمع «غير الجيد» فهو يقاطع المتحدث على الدوام أو يستحوذ على الحوار ويتحكم به، وهناك من يتفوق على ذلك في اللامبالاة فنراه يستخدم الهاتف منشغلاً بحجة إنهاء أعماله وهو يتحدث محاوراً الآخرين وأحيانا يعبث بأشياء أخرى غير مهمة. وهناك من هو مشغول البال في قلق على الدوام يفكر في إجابات للأسئلة التي لم تسأل بعد في أثناء الحوار وهو شارد الذهن لا يدرك ما يدور من حوله، مهمته الاعتراض على كل شيء يقال. إن كل هؤلاء يصنفون مستمعين غير جيدين لا يصغون لمن يتكلم أمامهم، بل لا يهمهم معرفة ما يدور في عقله أو قلبه وكنتيجة تتضرر علاقاتهم وينتهي بهم الحال في زاوية اللامبالاة والأنانية. لقد خلق الله لنا لسانا واحداً وأذنين اثنتين لكي نستمع أكثر مما نتكلم ولكننا لأسباب كثيرة نعرف بعضها ونجهل البعض الآخر نتكلم بلا توقف ونركض في هذه الدنيا أيضاً بلا توقف.