رغم وصولنا إلى الألفية الثالثة فإن البعض مازال غير قادر على استيعاب العلوم الحديثة ومنها الطب التجميلي، فالبعض أخذ موقفاً متشدداً منه دون أن يلم بما وصل إليه أو علاجاته وإمكاناته، فهل هو قصور من أطباء التجميل الذين لم يستطيعوا أن يشرحوا العمليات المهمة التي يقدمونها لمرضاهم، أم هي نظرة قاصرة لبعض فئات المجتمع المتشددة.

إن الدين واضح في الحلال والحرام فلا يجوز أن يتخذ بعضنا مواقف دون دراسة وعلم، فالطب التجميلي الذي يعيد الأمل لمن أصابتهم الحروق، أو من يعانون عيوباً خلقية تجعلهم يفقدون ثقتهم في النفس ويشعرون بالنقص عند النظر إلى المرأة هو شيء واجب، حتى إن دول الغرب تضع هذه العمليات من ضمن العمليات التي يغطيها التأمين الصحي، فلماذا ينظر إليهم بعض الأشخاص نظرة قاصرة.

ألم يكن بعض رجال الدين والقانون يحرمون نقل الأعضاء منذ سنين عدة؟ والآن بعد أن بحث الأمر من قبل كبار العلماء أقره القانون وفق ضوابط حيث وجدوا فيه الحلال في منح النفس البشرية فرصة أخرى للحياة دون ألم، والألم ليس شرطاً أن يكون عضوياً فقط، بل الألم النفسي يكون أحياناً أشد على النفس البشرية.

إن الطب التجميلي الذي يستطيع أن يرمم ما خربته الحوادث أو العيوب الخلقية هو فرصة وأمل لهم ليستعيدوا حياتهم السوية، فلا ذنب لمن تعرض لحادثة حريق أو غيرها من الحوادث أو لديه عيب خلقي قد يعرضه للتنمر ما يسبب له آلاماً نفسية أن يعيش باقي عمره وهو يعاني.

وأيضاً في الوقت نفسه لا يجوز الإفراط في عمليات التجميل بالشكل الذي يغير خلق الله سبحانه وتعالى، فنجد بعض البشر حباهم الله جمالاً ومع ذلك يطمحون في مزيد فتجدهم يغيرون ويعدلون حتى إنهم يفقدون هويتهم، وأحياناً لا نتعرف عليهم أصلاً، وأكبر مثال على ذلك أن بعض الفنانات أصبحن يشبهن بعضهن بشكل كبير نظراً إلى تشابه العمليات التي يجرينها، وهذا مرفوض لأنه تغيير لخلق الله، فيفقدن هويتهن التي عرفهن الجمهور بها، غير العمليات التي تفشل وتؤدي إلى عكس النتيجة المرجوة وتفقد الشخصية جمالها الذي خلقت عليه ولا تصل للشكل الذي كانت تحلم به.

إن الاعتدال شيء قويم وحميد، ويجب أن نحب أنفسنا كما نحن ونرضى بالشكل الذي خلقنا الله عليه وألا نفرط في التجمل الفارغ من المضمون، ولا داعي للعبث بخلقتنا، فمن السيئ أن تصبح عمليات التجميل هوساً يمحو بصمة ملامحنا وأيضاً إذا كان هناك عيب خلقي أو تعرضنا لحادث فالعلم أصبح في مقدوره أن يعيد لنا ولو جزءاً من شكلنا الذي خلقنا الله عليه؛ فاللجوء للتجميل هنا واجب.