قبل حوالي ستة أشهر كان هناك أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا حول اكتشاف اللقاح المحتمل للقضاء على فيروس كورونا ومتى ستحصل عليه البشرية لكي تسترجع الحياة التي سلبت منها؟ وبعد توافر اللقاح لم تفرح البشرية فقط بل تنفست الصعداء وانتعش الأمل كونها قاب قوسين أو أدنى من عودة مياه الحياة إلى مجاريها. وما لم يكن في الحسبان هو تأخر حدوث ذلك بل وانتشار سحائب الغموض من جديد على الرغم من وجود اللقاح، فطيلة الأشهر الماضية ومعظم الأطباء والباحثين حول العالم يحاولون جهدهم الإجابة عن السؤال: يا ترى مع وجود اللقاح متى ينتهي وباء كورونا لنتمكن من العودة إلى حياتنا الطبيعية؟ بعض العلماء وجدوا صعوبة في الإجابة عن السؤال ومنهم عالمة الأوبئة والفيروسات أنجيلا راسموسن التي قالت لمجلة بوليتيكو إنها لا ترى نهاية وتاريخاً محدداً لانتهاء وباء كورونا ولا تضمن أنه سيأتي يوم قريب ويقول فيه الجميع إن الفيروس قد انتهى للأبد من العالم، بل ترى أنها عملية ستستمر فترة طويلة وربما سنوات عديدة. وتقول الأستاذة المساعدة في مادة اقتصاديات الصحة في جامعة ماكغيل في مونتريال في مقابلة لقناة CBC الكندية: "مع وجود لقاح سنواجه مشكلة أخرى هو تأمينه كل سكان العالم، لذلك لا أعتقد أننا سنعود إلى عيش حياتنا كما كنا نفعل في السابق فترة طويلة".

وما صدم الجميع صدمة كبيرة لا نزال جميعنا نستوعبها هو ما جاء على لسان وكالة بلومبيرغ الأمريكية قبل حوالي أسبوع عندما قالت: "إننا بحاجة إلى سبع سنوات للانتهاء من فيروس كورونا وعودة الحياة إلى طبيعتها". وقد استندت الوكالة في ذلك على إحصاءات وبيانات التطعيمات المطلوبة لفيروس كورونا لجميع سكان العالم؛ فقد صرحت الوكالة بأنه يجب تطعيم 70% إلى 85% من سكان العالم حتى تعود الأمور إلى طبيعتها، كما لفتت بلومبيرغ إلى أنه في حال تم تطعيم عدد قليل من الناس في المجتمع فإن الفيروس سيستمر في الانتشار دون رادع.

ومع حصول مزيد من الناس على اللقاح ستبدأ حينها مجموعات من الناس في بناء دفاع جماعي ضد الفيروس لتتشكل مناعة القطيع، وما أستطيع أن أقوله هو أن البشرية أمام مفترق طرق وإذا كان سلامها في الإجابة عن هذا السؤال المهم وهو متى تنتهي معاناتها مع هذا الوباء فإنها ستبقى قلقة بلا نوم هانئ كون الإجابة كانت ولا تزال في علم الغيب ولا يمكن التنبؤ بها على الرغم من اجتهاد الإنسان، لذلك عليها أن تسلم للقضاء والقدر وتنام قريرة العين كون مصيرها بيد الخالق وحدة وما تستطيع فعله هو مواصلة السعي والاجتهاد لمساعدة الإنسان وحمايته من الوباء عن طريق اللقاحات وإيجاد طرق للتأقلم والتعايش مع الوباء حتى تنقشع غيومه وتشرق شمس الحياة من جديد.