عادة ما يتخذ الإنسان في حياته طريقة للتفكير وهذه الطريقة غالباً ما تعكس تأثره بالبيئة التي يعيش فيها والصورة الذهنية التي تتشكل لديه وخبراته الشخصية وثقافته الموروثة ومشاعره النفسية، وعادة ما يعبر الإنسان عن هذا الطريقة بما يعتنقه من أفكار، ولكن الحقيقة الغائبة أن الفرد يمكن أن يقضي كل حياته مطمئناً إلى أنه يدافع عن أفكاره الشخصية التي تعبر عن منهجه في الحياة، دون أن يعلم أنه لا يدافع عن أفكاره ولكن يدافع عن أفكار أُناس آخرين زرعوها في عقله الباطن، فالحقيقة أننا نقتنع بأفكار الآخرين بطريقة لا شعورية ومن ثم تُزرع بداخلنا عن طريق الإيحاء الاجتماعي والخوف الدفين من مناقشتها أو نقدها أو التشكيك فيها، ولكن على كل حال فكثير منا يحاول أن يتلمس لنفسه طريقة للتفكير مستقلة تتناغم مع الواقع، ولقد حاول كثير من العلماء أن يعبروا بالإنسان إلى جادة الصواب بتحديد طرق التفكير المثلى التي من شأنها أن تقلل وقوعه في الخطأ، ومن أبرز هؤلاء العلماء الكاتب "إدوارد دوبونو" الذي اشتهر بتناول موضوعات الفكر الإبداعي والذي يعد مؤلفه (تحسين التفكير بطريقة القبعات الست) من أفضل المؤلفات التي صدرت في مجال التفكير الإبداعي، حيث يرى "دوبونو" أن الإنسان يمكن أن يحسن من قدرته على التفكير السليم بطريق التعلم، ومن أهم طرائق التعلم التفكير بطريقة القبعات الست، والقبعات الست ليس المقصود بها القبعات الحقيقية، ولكنها فقط رمز لطرائق التفكير، فيرى أنه حينما تكون في حاجة إلى معلومات للوصول إلى النتائج المجردة فعليك بارتداء القبعة البيضاء، أما إذا كنت في حاجة إلى التعبير عن الانفعالات والعاطفة والحدس والتخمين فعليك بارتداء القبعة الحمراء، فإذا كنت في حاجة إلى النقد المستند على أسباب منطقية فالقبعة السوداء هي التي تناسبك، فإذا قررت الاعتزام بعمل ما وتلمست له النجاح فعليك بالقبعة الصفراء التي تجعلك تفكر في أسباب نجاح أمر ما، أما القبعة الخضراء فهي تلك التي ترمز للابتكار والإبداع، وتعد القبعة الزرقاء هي القبعة الأخيرة، وهي بمثابة المايسترو الذي يوجه كل الموسيقيين في حفلة ما، فيقول نحتاج إلى تفكير عاطفي (القبعة الحمراء) ، أو تفكير ابتكاري ( القبعة الخضراء)، فالقبعة الزرقاء هي رمز لتوجيه التفكير بشكل محدد نحو المسألة المطروحة باعتبار أن الاختلاف بين التفكير الجيد وغير الجيد يكمن في القدرة على التركيز بالوصول إلى أحسن الأجوبة وهكذا، فإن القبعات الست هي ست طرائق من التفكير والهدف منها هو أنها تعينك عندما تواجه موقفاً ما على اختيار طريقة التفكير المناسبة أو بمعنى آخر اختيار القبعة التي تناسبك والانتقال من قبعة إلى أخرى بحسب احتياجك إليها، ولا شك أن هذه الطريقة يمكن أن تساعدك على أن تصل إلى حد ما إلى القرار الصائب، ففي بعض الأحيان يقع الإنسان فريسة بين اتجاهين متنازعين ويحتاج إلى وسيلة يتلمس بها الطريق، وفي مقابل ذلك فإن العلماء يجتهدون لتبسيط الوسائل التي يمكن أن تصل بنا إلى بر الأمان إن جاز التعبير للوصول إلى الطريقة المثلى للتفكير، وتعد طريقة التفكير بطريقة القبعات الست إحدى هذه الوسائل.
{{ article.visit_count }}