لقد تم تصميم خدمات ومميزات منصات التواصل الاجتماعي على تنوعها على فلسفة مبنية على أن (الحياة عبارة عن لحظات عابرة لا بد من الاستمتاع بها ومشاركتها مع الآخرين). لذلك يشعر جميع مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي بأنه بات من الضروري نشر لحظات حياتهم وعرضها ومتابعة تفاعل الآخرين معها بصورة شبه يومية وأحياناً شبه لحظية. ويصاحب متابعات الفرد لحساباته بشكل خاص ولما يدور في هذه المنصات بشكل عام شعور بالقلق والخوف من أن يفوته أي ملاحظات أو تفاعل أو أخبار عامة أو خاصة ما يدفعه لتفقد هذه المواقع وتفقد حساباته بين اللحظة والأخرى بشكل غير عقلاني من وجهة نظر من يراقبه عن كثب، وهذا القلق والخوف الذي ينتاب الفرد أطلق عليه (ظاهرة الخوف من فوات الشيء)؛ فحين يؤسس الفرد عالمه الخاص والافتراضي والذي يعني له كثيراً يبدأ شعوره بالخوف من فقدان هذا العالم، فيبقى قريباً منه طيلة الوقت، يعيش بعقله وجوارحه فيه تاركاً خلفه العالم الحقيقي. ولا أعني بكلامي هذا الفنانين والمشاهير الذين يعتبرون هذه المنصات وسيلة تسويقية مباشرة وغير مباشرة للترويج لأنفسهم ولأعمالهم بل أعني عامة الناس ممن يستخدمها من غير تحديد للأهداف. والمشكلة هنا تكمن في أن الفرد يرغب في إشباع حاجاته النفسية الأساسية المتعلقة بالتواصل الاجتماعي وكذلك إحساسه بأهميته عن طريق الارتباط بالآخرين والتفاعل معهم سواء كان يعرفهم أم لا يعرفهم في هذا العالم الافتراضي. ونتفق جميعاً على أنه بات من غير الممكن الانعزال الكلي عن مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنها أصبحت جزءاً من حياتنا، إضافة إلى كونها مفيدة لمتابعة الأخبار وما يجري حولنا، لذلك يجب علينا أن نحدد أهدافنا بوضوح وغايتنا من استخدامها وكذلك الوقت الذي يجب أن نخصصه لها. إن ظاهرة الخوف من فوات الشيء ظاهرة غير صحية، تبدد السلام وراحة البال ويجب ألا ننسى أن قضاء وقت طويل في هذا العالم الافتراضي يسرق منا الحياة الحقيقية كوننا لا نعي تسلل الوقت من بين أصابعنا بعيداً عن الأسرة والأصدقاء الذين ربما نكتفي بتحيتهم والتفاعل معهم من خلال هذه المنصات.