تحدثت عن المنحاز الكبير، وهناك منحاز صغير يطلق عليه محلياً "الموقعة"، ولها أيضاً مدق، لدق قمح الهريس بكميات قليلة، وترى الموقعه في بيوت الأسر الصغيرة، وتستعمل الموقعة أحياناً لإعداد مجموعة البهارات قبل أن تغزونا البهارات على أنواعها ومسمياتها جاهزة بعلب زجاجية أو بلاستيكية.

مع التقدم الحضاري والمستوى المعيشي والتعليمي، واستيرادنا مطاحن دقيق البهارات الحديثة، وقيام نهضة صناعية شاملة، هجر الناس ما تصنع وتخبز أيديهم، فالآن مطاحن الدقيق، تصنع خبر الرقاق وتطحن الدقيق، وتجهز حب الهريس وبعض المأكولات الأخرى التي يعدها الناس في بيتهم، ويكابدون مشاق جمة تنهك جسد المرأة من الصباح إلى ما قبل أذان المغرب. حلت الصناعات الحديثة محل القديمة، فاختفى المنحاز والرحى والهاون، وحل الغاز والقوة الكهربائية محل الحطب الذي كنا نستعملهُ للوقود، وحل قدر البخار محل قدر "جدر" الهريس، وحلت مضرابة الهريس الكهربائية محل المضرابة الخشبية، كل ذلك وغيره اختفى وأصبح جزءاً من الماضي أو التراث، وركن في المتاحف العامة والخاصة، وللحقيقة، فإن الصناعات الحديثة كان لها أثر كبير من حيث تدبير المرأة بشؤون بيتها وتربية أبنائها، وحصولها على وقت للراحة والاستجمام.