أصبت أنا وأطفالي بفيروس كورونا، وبطبيعة الحال حزنت كثيراً فبالرغم من التزامي الشديد بالاحترازات والتعليمات وحرصي على تحصين نفسي وأسرتي من هذا الفيروس قدر الله علينا هذا المصاب، لقد كانت هذه الفترة أمراً صعباً ومؤلماً جسدياً ونفسياً ومعنوياً،

ومن باب الأمانة وتجربتي الشخصية حرصت أن أنقل بعض المواقف والتجارب التي مررت بها خلال هذه التجربة.

في أحد الأيام اضطررت لطلب سيارة الإسعاف لطفلتي، فأخبرني الموظف بأن الإسعاف سيتأخر، لا أنكر بأنني قد تذمرت في البداية واستنكرت تأخر سيارة الإسعاف التي جاءت في وقت لاحق ونقلتنا للمستشفى، وعندما وصلت إلى المستشفى أدركت خلال انتظاري داخل سيارة الإسعاف تلك الجهود الجبارة التي يقوم بها فريق البحرين لخدمة الجميع وسيارات الاسعاف التي تنطلق ذهاباً وإياباً لإسعاف ونقل تلك الأعداد الكبيرة من المرضى، وانتظار المسعفين مع المريض بداخل سيارة الإسعاف لحين توفر سرير شاغر للمريض ونقله وفق إجراءات احترازية مشددة لداخل المستشفى الأمر الذي جعلني أدرك حجم الجهود الجبارة وأرى بأم عيني تلك الأحداث التي تجري من قلب الحدث من مشاهد ومواقف قد لا يعلمها البعض، وعند وصولي إلى قسم الطوارئ الذي كان يعج بالمرضى الذين يتوسدون الأسرة استشعرت حينها رحمة الله وشكرت ربي على أنني بحال أفضل من غيري وفي بلد يكفل لنا الرعاية الصحية بالمستوى المطلوب ويسعى بكل طاقاته وكفاءاته لمساعدة الجميع، أدركت بأن الإسعاف لم يتأخر عبثاً وبأن أولئك الجنود المجهولين من الأطباء والممرضين والمسعفين وغيرهم ممن يقومون بعمل جبار يفوق طاقة أي إنسان، وكلمة شكر وتقدير لطبيبة الأطفال التي فحصت طفلتي بكل دقة وحرص ولطف وعلى تأديتها لدورها الانساني والوطني بكل تميز بالرغم من الضغط التي يقع على عاتقها وبالرغم من ذلك اللباس الثقيل الذي ترتديه وتلك الكمامات التي تغطي وجهها كانت تبتسم وتؤدي عملها بكل إتقان، فشكراً من القلب لتلك الطبيبة التي كانت مناوبة بقسم الطوارئ بمستشفى قوة دفاع البحرين والتي صادفتها فجر يوم الأربعاء الموافق ١٩ مايو ٢٠٢١.

وهذا موقف آخر عندما اصطحبت ابني الذي أصيب بفيروس كورونا بعد إصابتي بعدة أيام إلى مركز عالي الشامل حيث كان يعاني من كحة شديدة وآلام مزعجة، وقد تأخرنا بعض الشيء لانتظار دورنا، وبطبيعة الحال فالانتظار هو أمر مزعج للمريض، وقد حاولت أن أدير حواراً شيقاً وهادفاً مع ابني الصغير لتعريفه بجهود هؤلاء العاملين من الممرضين والأطباء وغيرهم، فقلت له بهدوء اعلم يا بني بأننا نعاني ونتألم، ولكن ماذا عن تلك الطبيبة التي بالداخل! انظر إليها فهي لم تتأخر عبثاً ولم تضيع وقتاً وتعطي لكل مريض حقه ووقته حتى تعاينه وتتأكد من وضعه وصحته وتأخذ كافة المعلومات وتقوم بإعطائه التعليمات المناسبة له. فصمت ابني حتى حان دوره. حينها رأى بعينه تلك الطبيبة المحترمة التي كانت تتعامل معنا بكل رقي وإنسانية وبشاشة، وعندما انتهينا من فحص الطبيبة أدرك ابني ما كنت أعنيه وتلقى درساً في الصبر والإخلاص والوطنية. نعم إنه نموذج آخر مشرف لطبيبة مخلصة مجاهدة تعمل بعمل وجهد مضاعف وترتدي تلك البدلة الثقيلة ناهيك عن الضغط النفسي والمعنوي وتذمر المرضى الذين في الانتظار وبالرغم من كل ذلك فهي تبتسم بحنان للمرضى والأطفال. فشكراً للدكتورة بشرى بمجمع عالي الشامل بمبنى رقم (٥).

تجربة أخرى لي عندما تلقيت اتصالاً من قبل إحدى الطبيبات بالصحة العامة للاستفسار عن وضعي الصحي حيث وجهتني لضرورة مراجعة الطبيب بمستشفى البحرين الدولي، وبعد مراجعتي للمستشفى المذكور وانتظاري، رأتني إحدى الطبيبات وأنا واقفة أنتظر دوري ونادتني تفضلي.. تفضلي، وأخذت تستنشق بعض الهواء بسرعه لكي تستطيع أن تكمل عملها الشاق، وعندما أخذت اسمي تبين أنني لست على قائمتها فاعتذرت مني كثيراً وقالت بكل تواضع "للأسف اسمج مو عندي شوفي التصنيف وإذا اسمك على غرفتي حياج الله أتشرف فيج" أليست هذه الطبيبة التي رأيتها متألقة جداً بأدائها هذا في فترة صعبة جداً نموذج آخر من نماذج كثيرة من الكوادر الطبية التي تعمل خلف الكواليس، نعم إنها مثال للطبيبة التي تبعث الأمل والابتسامة والإيجابية بالرغم من عدد المرضى الهائل الذين تقوم بمعالجتهم هي وغيرها من طاقم الأطباء والممرضين، وأود أن أوجه لها تحيتي لهذه الدكتورة التي كانت هي مناوبة بتاريخ ٢١ مايو خلال الفترة المسائية بمستشفى البحرين الدولي غرفة رقم (٩) فلها مني كل التقدير والشكر، وبعد هذا الموقف جاءني طبيب آخر وقد كان أيضاً مثالاً للاحترام والمعاملة الطيبة والتواضع، وكان وجهه باعثاً للابتسامة والطمأنينة الأمر الذي يحتاجه المريض خصوصاً خلال هذه الفترة الصعبة. فشكراً للدكتور الذي لا أعرف سوى اسمه الأول (سيد... ) بمستشفى البحرين الدولي، وكلمة حق تقال في مستوى الكادر الطبي والتمريضي من حيث التنظيم والمعاملة والرعاية والتعقيم المستمر لجميع المرافق بمستشفى البحرين الدولي بالرغم من الأعداد الكبيرة من المرضى.

أعلم بأن البعض قد مر بتجارب غير مرضية أو صعبة ولكنني على قناعة بأن هذه التجارب ستكون طريقاً للنجاح والتطوير وبالتأكيد ستؤخذ بعين الاعتبار من قبل المسؤولين المعنين بالمملكة.

وختاما.. لا أنكر بأننا نمر بأزمة عظيمة وبمصاب جلل وبتحدي كبير، وكثير هم إخواننا الذين فقدوا أحبابهم خلال هذه الأزمة نسأل الله لأهاليهم الصبر والثبات ولموتاهم المغفرة والفردوس الأعلى، ولكنني أثق بأن شعب البحرين قادر بصبره وبتضافر جهوده ووعيه والتزامه وتلاحمه أن يتجاوز هذه الأزمة، وسنتجاوز بإذن الله تعالى هذه الجائحة بالصبر والإيمان والدعاء والتضرع إلى الله والثقة بأن الله هو القادر على تفريج هذه الكربة، كما يجب علينا الوقوف جنباً إلى جنب مع الفريق الوطني للتصدي لجائحة كورونا والذي يحتاج منا كل الدعم والمساندة والتشجيع والشكر والثناء تقديراً لجهودهم الجبارة خصوصا خلال هذه المرحلة، ولا ننسى أن نحمد الله على نعمة هذا الوطن الذي نعيش تحت ظله وقيادته الحكيمة التي تسعى جاهدة لحمايتنا ودعمنا وتذليل كل الصعوبات وتهيئة الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة لجميع المواطنين والمقيمين.

وختاما أسألكم بالله بأن تنشروا الأمل والكلمات الباعثة للإيجابية والدعوات المبشرة بالفرج والنجاة، وأيقنوا بأن الفرج قريب وقادم بإذن الله تعالى.

وختاماً من لا يشكر الناس لا يشكر الله. يعطيكم ألف عافية فريق البحرين، قلوبنا معاكم ودعواتنا لكم.