إيمان عبدالعزيز
ثمة عمل مسرحي كوميدي برز من بين اﻷعمال المسرحية الهادفة التي انبثقت من الكويت الملقبة بـ «هوليوود الخليج»، لما لها من تسيد وصيت ذائع في إنعاش الحراك الفني واﻷدبي على الصعيد المسرحي والدرامي والسينمائي منذ سنوات طوال.

مسرحية «باي باي لندن»، التي أنتجت عام 1981، وضمت نخبة من عمالقة الفن الكويتي الذين رحلوا عن عالمنا وفي مقدمتهم الفنان عبدالحسين عبدالرضا وغانم الصالح ومريم الغضبان وانتصار الشراح، وبمشاركة النجوم المميزين داوود حسين وهيفاء عادل ومحمد الجابر.

رسمت المسرحية الضحكة على وجوه مشاهديها وأسعدت قلوبهم، رغم مضي 40 عاماً على عرضها إﻻ أنها ظلت عملاً خالداً في الذاكرة، مما تجدد المتعة في مشاهدتها حتى يومنا هذا، كما لو أنها تعرض ﻷول مرة.

كما تميزت «باي باي لندن» بالطابع العفوي الذي نجح في تقديم صور لأبرز القضايا اﻻجتماعية التي تكشف عن تعايش العرب في دول الغرب ومقاصد سفرهم إليها بإطار كوميدي ساخر.

ولتكن هذه المسرحية ضمن سلسلة المسرحيات الخالدة التي جعلت الكويت تتصدر قائمة اﻷعمال المسرحية على مستوى دول الخليج والوطن العربي، لما تتضمنه من نص قوي ومضمون هادف وأبطال مبدعين، يتحرى المشاهدين جديدهم من أعمال شيقة ومميزة، لتتجمع حزمة متنوعة من أعمالهم التي تزيح ضجرهم وترضي ذائقتهم.

وقد خيم البؤس والحزن على رحيل هؤﻻء المبدعين الذين لن يكررهم الزمن، ولن يولد طاقة منافسة لأعمالهم يوماً ما، فأول شعور انتاب الجماهير هو الفقد لما هو آت من أعمال فنية إبداعية والوقوف عند آخر عمل عرض لهؤلاء قبل رحيلهم.

مؤخراً رحلت منذ أيام الفنانة إنتصار الشراح نجمة مسرحية «باي باي لندن»، التي اتخذت منها موضعاً لقدمها اليمنى لتكمل سير خطواتها الفنية الحافلة بالعطاء والنجومية على مدى 40 عاماً، حيث تميزت الشراح بروحها العفوية وخفة ظلها التي أكسبتها حب الجماهير، اﻷمر الذي جعل خبر وفاتها يتصدر منصات التواصل الاجتماعي داعين لها بالرحمة والمغفرة.

كما هو الحال لكل من الفنان غانم الصالح وعبدالحسين عبدالرضا الذين شاركا الشراح العمل المسرحي وبلد الوفاة أيضاً، حيث ترك الفنان غانم الصالح فراغاً شاسعاً في الساحة منذ رحيله، لثقله الفني الذي حقق من خلاله ناجحاً باهراً طيلة مسيرته الفنية، ومن ثم التحق بركب الرحال هرم الفن الكويتي عبدالحسين عبدالرضا الذي افجع رحيله جماهير الخليج والوطن العربي، لما يتميز بحس كوميدي فريد من نوعه جعله قامة وأسطورة لن تتكرر، فأراقت الدموع حزناً على رحيله في كل بيت خليجي، باعتباره أباً للفن والفنانين والجماهير والمحبين وعامة الناس.

وهكذا أصبحت «باي باي لندن» وسماً مؤلماً، لإطار يحمل بين زواياه ثلاثة أبطال للعمل مردفاً بتعليق «من لندن أضحكونا ومن لندن أبكونا»، الذي تصدر منصات التواصل الاجتماعي، وتبدلت ضحكات المقاطع إلى دموع الوداع، حين لفظوا هؤﻻء أنفاسهم اﻷخيرة على سرر المرض حتى وافتهم المنية في العاصمة لندن، بعد عطاء فني حافل استمر لعقود من الزمن مخلفين ورائهم إرثاً فنياً عصي على ذاكرة المشاهدين النسيان الإلمام.