التلاطم الرقمي الذي ضرب الأساس الحضاري والثقافي للشعوب، أنتجَ العولمة التي نعاصرها الآن، والتي خلقت عجزاً واضحاً في التعامل مع الأمور وتقديرها والتي تأتي بدورها نتيجة التعاطي مع أنصاف الحقائق وأنصاف المعلومات وأنصاف الوقائع.

ومع عصر السرعة صار الاندفاع أسرَع، فتجِد "TREND" فيه العنف والتنمر اللغوي والاتهام والتطاول، ثم لا تلبث أن ترى موجات الاعتذار المُطالِبة بصكوك الغفران، حين ذاب ثلج الأنصاف الأُخر من الحقائق، ولنا في حادثة اتهام الشاب الكويتي بقتل عامل توصيل طلبات الطعام خير دليل على ما أقول!

حتى أنتجَ الاندفاع الغير مبرر والطوفان الهائج على كل شيء وأي شيء، والمسلح بنقائص الأسباب والأحداث، وحوشاً هائجة تنهش باسم الانتقاد وتضرب باسم العدالة وفي دواخلهم نارٌ تستعر مُنيَتُها مَنيّةُ أحدٍ على يدها لا أكثر. وتولّد لنا نقيضاً لهؤلاء من تحمّلوا واحتملوا مسؤولية التصدّي لهم وانساقوا خلفهم وابتلوا ببلائهم فكانوا هم وحوشاً أيضاً مثلهم، فما من قضية متبنّاه وما من حدثٍ مهم، إنّما رغبةً في الاقتتال والاتهام والانفعال لا أكثَر.

لتكون الرسالة أخيراً، اعرِف قضيّتك ومحّصها جيّداً وافهَم لأيّ شيءٍ تتكلّم، "وليَحذَرِ الذي يحارِب الوحوش أن يتحوّل هو ذاتَهُ إلى وحش، فعندما تحدّق بالجحيم طويلاً فإنّ الجحيم يحدّق فيكَ أيضاً". -نيتشه-

محمد يوسف