تكررت كثيراً على مسامعنا أخبار تتعلق بغرق الأطفال في برك السباحة، أطفال صغار فارقوا الحياة وهم وسط فرحة غامرة وضحكات معدية.

أخبار يعتصر معها القلب ويتفطر، ففقدان الأطفال في الحوادث بشكل عام وقعه أشد وطأة على النفس، ومؤكد أن قضاء الله لا يؤخره أو يقدمه شيء وهو مكتوب ومحسوب بالثانية.

ولكن، الحقيقة المؤكدة أيضاً أن لا شيء يحدث لنا أو لغيرنا من غير سبب أو أسباب خفية ترتبط بنا وبمن حولنا من قريب أو بعيد، سواء كانت دروساً وعبراً لا بد لنا من قطف ثمارها أو كانت خيراً وشراً اجتمع علينا.

فلماذا يا ترى تكررت كثيراً مثل هذه الحوادث؟ العقل يعتصر كما يعتصر القلب.

وما هي يا ترى الدروس والعبر الخفية؟ الصراحة أن قلبي مخضب بالدموع، يتألم بحسرة لمجرد محاولة تصور الفاجعة، لمجرد محاولة تخيل ما حدث وما فقد.

ولا يمكنني تخيل مدى معاناة ذويهم جراء ما حدث في غمضة عين أو التفاتة.

وعزاؤنا ومواساتنا الصادقة ننقلهما إلى ذويهم ونسأل الله أن يلهمهم الصبر ويعوضهم بإذنه تعالى كل خير.

إن الأطفال شحنات من الطاقة والحركة والبراءة الممزوجة بالمراوغة، وهم في عهدتنا أمانة نرعاهم ونفديهم بحياتنا. ولكن الحوادث تحدث أمام أعيننا أحياناً، فنتجمد برهة ونصرخ بعدها صرخة استغاثة بالله وبمن حولنا لننجو من تلك اللحظة بسلام وبأقل الخسائر، نحاول أن ننقذ ما يمكن إنقاذه لكنها أحياناً (الفاجعة) تسقط كسهم بسرعة الصوت وأحياناً أسرع، طبعا ذلك لا يعني أن ننسى أنه لا بد لنا من أن نشدد الرقابة أكثر وأكثر بعد كل حادثة نسمعها، وكل مصيبة تمر علينا ونتعظ وخاصة أن أطفال اليوم يتفجرون ذكاءً وحركة. وفي المقابل، نحن كآباء نهرول يميناً وشمالاً، بل أصبحنا نخوض مراثونات في محاولات دؤوبة لكي نوفر لهم الأفضل من تعليم وتربية وترفيه وحماية، تستنزف طاقتنا وتركيزنا. وأنا هنا لا أحاول أن أبرر لأنفسنا كآباء أي تقصير أو خلل يصدر عنا بغير وعي أو بعيداً عن الإدراك البشري ولكني أحاول أن أكون أقرب للواقع منها للتحكيم في مسألة حساسة تتكرر بقضاء الله وقدره.

إن المسألة غاية في الجدلية والتشعب، ويصعب تحليلها وتفكيك حلقاتها لمعرفة مسببات ما أفضى إلى ذلك القدر. ولا يمكن أن نتجاهل محاولة معرفة المسببات؛ فهي الرسالة بل الرسائل التي يريدنا الله أن نتمعن فيها سواء كنا من ضمن دائرة الحدث أو بعيداً جداً عنها؛ فالحياة تأملات وغوص في غمار حقائق وشؤون خاصة بنا أو عامة تجري من حولنا.

هذه بعض إسقاطاتي المتواضعة على ما اعتبرته ظاهرة وإن كان لا يعدو كونه تكراراً بسيطاً من وجهة نظر الغير، ولا يمكنني أن أزيد أكثر فلا تزال مشاعري مختنقة ودموعي حبيسة روحي من هول المصاب، ولا يمكنني إلا أن أختم وأقول إنه مهما حاولنا أن نتدبر ونتفكر فيما يحدث يبقى علمنا ناقصاً أمام علم الله وتدبيره، ونبقى الجهلاء بحكمته ورحمته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

رؤى الحايكي