نشرت شبكة (The muse) المتخصصة في الوظائف مقالاً بعنوان «درس لتعلمه من الحياة»، وفيه مجموعة من الدروس المستفادة من حوار أُجري مع أحد الأطباء، ومما جاء فيه:

«لا تعلم متى يتحول الحوار العابر مع شخص غريب إلى درس مهم يتعلمه الواحد منا لحياته، ولا يكون هناك مجال لنسيانه، والحوار الذي أجراه طاقم شبكة (The Muse) مع السيد ديفيد والذي تبين أنه طبيب بشري قال فيه السيد ديفيد: كل مكان أذهب إليه، يقول لي أحدهم إنك تشبه الطبيب، فهل أنت طبيب؟؟ وعندما أذهب للمتجر يقول لي الناس كذلك: أنت تشبه الطبيب فهل أنت طبيب؟؟ نعم بالفعل أنا طبيب ولطالما كنت أرغب في أن أكون كذلك.

عندما تكبر يكون لديك بعض الأحلام، ولكنك لا تعلم ما هو المسار والتخصص المستقبلي المناسب لك، وتمضي في التفكير وتحدث نفسك أنك تريد أن تكون طبيباً، وهذا بالفعل الأمر الذي حصل لي بالتحديد، وذهبت وسعيت جاهداً لأصبح طبيباً، وسعيت في هذا الطريق وصرت طبيباً بالفعل ومتخصصاً في طب العائلة.

والآن أنا طبيب منذ مدة طويلة، والنصيحة التي كنت أقولها لأي شخص في مُقتبل العمر وفي مرحلة الاختيار للمسار الجامعي هو ضرورة أن يكون لديك الشغف بالمجال الذي تود الدخول إليه، وإن لم يكن عندك الشغف لدخول مجال ما فلا تدخله وتتخصص فيه من الأساس.

الشغف مهم لأنك إذا كنت شغوفاً بمجال ما فسيكون كل شيء سهلاً بالنسبة إليك. أما لو لم تكن شغوفاً بالمجال فسيكون كل شيء صعباً عليك، فلا تدمر حياتك بالذهاب إلى مجال وعمل لا تحبه!!.

وهنا قد يتساءل البعض ما هو الشغف؟ وكيف أمتلك الشغف بمجال وأنا بالمرحلة الثانوية أو على أبواب الجامعة؟ والجواب على ذلك هو أن الشغف بالتخصص هو الرغبة والتعلق به، والاستعداد للتضحية في سبيله، ولا يمكنك الشغف بتخصص مجهول ولا تعرفه.

وقد يتوهم البعض امتلاكهم الشغف تجاه تخصص ما ثم لا يصبرون أمام أدنى عقبة تعترض طريقهم؛ لأن شغفهم في الأساس مُتوهم.

ولكن كيف أعرف شغفي إن كان بمجال الطب البشري؟ كلما ازدادت معرفتك في ؤالتخصص اتضحت الصورة لديك أكثر، ومن ذلك التعرف على المقررات التي سيتم دراستها وطبيعتها، وزيارتك عيادة أو مستشفى والتحدث مع الأطباء والتعرف على طبيعة العمل، والتأمل في حقيقة الدافع الذي يدفعك للتخصص؛ فكل ذلك يساعدك في معرفة حقيقة الشغف للتخصص من عدمه.

أعرف طلبة متفوقين أحبوا تخصص الطب، ورغبوا فيه بشدة لكنهم كانوا يجهلون كثيراً عنه، والنتيجة أن كثيراً منهم انسحب في السنوات الأولى، ومنهم من أكمل بصعوبة بالغة ودرجات متدنية، والسبب أنهم لا يمتلكون الشغف الحقيقي تجاهه ولم يكن المجال المناسب لهم من الأساس.

والكلام ليس حكراً على تخصص الطب البشري، بل يشمل جميع التخصصات.

محمد إسحاق