ممتنة للأشجار التي تُقطع حتى تنتج ورقاً نطبع عليه الكتب، ممتنة لمن اخترع المطبعة، ممتنة لسهولة شحن الكتب حول العالم، ممتنة للغة العربية، اللغة الأروع في العالم، ممتنة لكل المترجمين الذين لولاهم ما عرفنا عن الحياة في الضفة الأخرى من الكوكب، ممتنة لكل النعم التي تجعل من فعل «القراءة» ممكناً ويسيراً في كل الأوقات بمختلف الصور، فمن لا يقرأ لا يدرك ما الذي تفعله القراءة فينا؛ فالكلمات لها أصابع حانية تمسح على رأس قلبك برفق ومحبة، فتنُسيك بعض الوقت بؤسك ويأسك.
هل تدرك عذاب أن تدور آلاف الأفكار في رأسك بمنتهى الإلحاح دون توقف طيلة اليوم؟ فهذا الصوت المزعج بداخلك لا يسكت ويعيد عليك سرد الأحداث والمواقف بصورة تزداد مأساوية في كل مرة، والطريقة الوحيدة لكسر هذه الدائرة والتحرر منها إما بالقراءة أو التأمل، ولكننا كبشر دائماً نركن للطرق الصعبة معتقدين أنها الأفضل! فبالقراءة ستشغل عقلك عن تفاهات العالم الخارجي وحماقات البشر التي تكاد لا تنتهي، وهي أبسط أمر تستطيع فعله لتهدئة عقلك بالتدريج.
عند إصداري كتابي «ثالثهم كِذبُهم» كتبت: «اقرأ؛ لتُلهي عقلك عن مصائب قلبك!» لأني أؤمن عن تجربة بأن القراءة هي الحل دائماً وأبداً. فبالقراءة ستدخل عوالم جديدة وربما تعيش دور البطل الذي ينتصر لنفسه، وينتصر على أفكاره أيضاً ويطوعها لخدمته!
عليك أن تتعلم كيف تتعامل مع أفكارك وتروضها بالقراءة وتتعلم السيطرة عليها؛ فالتفكير التافه والسطحي لا يعرف سُبل الوصول إلى عقل القارئ الجيد!
أن تقرأ يعني أن تُدخل عقلك في مكان سري أشبه بصومعة معزولة، ترتل فيها ما تيسر لك من كتب لتجعل عالمك مكاناً أفضل للعيش، وتقول للأفكار السلبية العقيمة: اخرجي، فلم يعد رأسي يليق بك!
وتذكر عندما يشتد حزنك، وقلقك، ويأسك، ابحث عن أول كتاب تقع عليه عينك وأبدأ القراءة ولا تتوقف؛ إنك بهذه الطريقة تقي نفسك من الوقوع في غيابة الحزن.
إن الكلمات قادرة على إنقاذنا، فقط عليك اختيار الكتاب المناسب لكل نوبة حزن.
أميرة صليبيخ