من خلال مسيرتي الحديثة في مجال الوساطة، توسطت لحل عدة قضايا أسرية، ولكن ما لفت انتباهي أن أغلب تلك الصراعات الأسرية كان مسببها الرئيسي قنوات التواصل الاجتماعي، سواء كان الصراع بين الزوجين أو حتى الأبوين وأبنائهم، حيث إنه في ظل التطورات التي يشهدها العالم والضغوط التي تفتك بنفسية الأفراد بات مُلحاً أن نعيش في ظل أسرة صحية متماسكة ومترابطة باعتبارها اللبنة الأساسية للمجتمع، في زمن أصبح فيه البعيد قريباً جداً والممنوع مباحاً فعلاً، فصلاح الأسرة وتماسكها من أجل إشباع الحاجات الأساسية لأفرادها مثل الحاجة إلى الغذاء، والملبس، والمسكن، والرعاية الصحية، أو إشباع الحاجات النفسية، مثل: الحاجة إلى شعور الفرد بالأمان، وأنه شخص محبوب ومقبول من الآخرين، وشعوره بانتمائه للكيان الأسري كل ذلك يعزز من ثقة الفرد بنفسه.

فمنذ زمن كان المربي الأساسي لمخرجات المجتمع هو البيت وتليه المدرسة، أما الآن مع تطور التكنولوجيا وغزو قنوات التواصل الاجتماعي للبيوت، فصارت هي الموجه وذات التأثير الأكبر على تصرفاتهم وسلوكاتهم، وأصبحوا شباباً منعزلين راضين بالصحبة الإلكترونية، الوحدة هي مبتغاهم الأساسي، لا يكترثون لتجمعات عائلية ولا للأكل على السفرة المستديرة، يرفضون رفضاً تاماً أي سيطرة من الوالدين لإطلاعهم على المجتمعات التي لا تتوافق مع ديننا ولا قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا.

يرتضون بأفكار شاذة ويدافعون عنها بقوة ولو عارضهم أحد الوالدين شنوا حرب بسوس عليهم، عند محاولة توجيههم لا يستمعون، يدافعون عن أفكارهم وأفعالهم على أنها حرية شخصية، وحتى الزوج والزوجة أصبحت أغلب صراعاتهما بسبب رواد التواصل الاجتماعي؛ فقد عززت هذه القنوات الشك بين الشريكين وضعف وتزعزع العلاقة بينهما، وأصبحت الأسرة في البيت الواحد لا تعلم بحال أفرادها، وأصبحت مشاكلهم في أروقة المحاكم ومراكز الشرطة، فقد باتت الأسرة في خطر وبحاجة للإرشاد والوعي لإعادة تلاحمها وترابطها من جديد، وهذا لا يعني أن قنوات التواصل الاجتماعي مثل ما تحمل من سلبيات لا يوجد بها إيجابيات، ولكن لا بد من تقنين استخدامها والإبقاء على التواصل البصري والجسدي بين أفراد الأسرة، ولا بد من تخصيص أوقات معينة للتجمع العائلي بعيداً عن الهواتف المحمولة، والخروج في نزهات وتخصيص وقت للأطفال للعب بالألعاب أو ممارسة الهوايات، فليكن هذا نظامكم ونظام أطفالكم منذ صغرهم حتى لا يصعب عليكم توجيههم فيما بعد.

شيخة الرويعي