قالت الكاتبة الألمانية آن فرانك: (أستطيع أن أتخلص من كل شيء وأنا أكتب، حيث إن أحزاني تختفي، وشجاعتي تولد). هذا صحيح، عجيبة غريبة هي مهارة الكتابة؛ فهي ببساطة تختزل كل ما في العقل والقلب في سطور وكلمات، فيتحول الإحساس كلمات وتنتقل الصور وتترتب الأحداث في قصة ذات قافية تجد طريقها لتحيا في مخيلة من تقع عيناه على تلك القصة. وما أجملها تلك القصص بلغتنا العربية الغنية بالمفردات الفريدة والمعبرة!نحن أمة محظوظة جداً بجمال لغتنا العربية وغناها الذي يتضح جلياً في الشعر، والنثر، والخطابة، والقصة، والرواية، وفي النحو، والصرف.لقد انتشرت في السنوات الخمس الماضية كتابة القصص والروايات وحتى الدواوين الشعرية، وعجت المكتبات بكثير من القصص والروايات التي تضم بين طياتها مشاعر وأفكاراً وخيالات جميلة تسافر بنا بعيداً عن واقعنا تارة، وتارة أخرى تحكي لنا عما يدور حولنا من قصص إنسانية واجتماعية.إن ما يهمني هنا هو تذكير أنفسنا بأهمية الكتابة، وكذلك تعزيز فكرة التشجيع عليها وخاصة لمن هم يمتلكون مهارة الكتابة ولمن تعج عقولهم بأفكار وتجارب ومغامرات. ولا ننسى أن النفس تتوق لترتيب مشاعرها وسردها وتحويلها إلى قصص ومواعظ، فربما تكون تلك القصص بريق أمل وحياة لمن يقرأ ويطلع، ومع الوقت والممارسة سنجد أن كتابة قصصنا لم تعد تكفي بل سنبدأ التأمل والتفكر في حياة من حولنا، وندقق عن كثب في كل شيء ونحلل بلا تردد أو ملل كل التفاصيل التي تمر علينا. سنتأمل الناس ونقرأ ملامحهم ونستمع لشكواهم وأحلامهم. سنقرأ أكثر ونطلع أكثر لنتعلم ونعرف ونهضم معنى الإنسانية وما يعنيه لنا. الخلاصة..لنكتب ما يحدث لنا ولغيرنا ولنقرأ القصص والتاريخ فمهارة الكتابة نعمة من الله ترتقي بالفكر وتزيد العمر أعماراً، ولا ننس أن نربي أبناءنا على ذلك؛ فخيال الأطفال خصب وطاقة الإبداع لديهم عالية جداً، وهواية كهذه تساعدهم على تقوية لغتهم العربية وتنمي أفكارهم وتشغل أوقاتهم بما هو مفيد، وربما تتطور مهاراتهم مع الوقت فتثمر كتابات وقصصاً وروايات. لننتشل أنفسنا وصغارنا من زمن سلب الوقت والتركيز منا بحجة التطور التكنولوجي فأغرق الجميع بين ألعاب تقنية وتطبيقات للتواصل لا تسمن ولا تغني من جوع، بل على العكس، هي تسبب الجفاف الفكري وتقتل الخيال والإبداع وتجمد المدارك.لنخلق البدائل وننعش الخيال بماء الكتابة ولنصنع جيلاً من المثقفين والكتاب ولنستفد من التطور التكنولوجي لتنمية المهارات وللحصول على الموارد المختلفة ولنشر ما نكتبه ولقراءة ما يصعب الحصول عليه في المكتبات القريبة.رؤى الحايكي