الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ
ارتأيت أن أبدأ حديثي ببيت الشعر الشهير لحافظ إبراهيم حتى أصل في النهاية لوجهة نظري للأسباب والدوافع وراء اهتمام المنظمات العالمية والدول في ملف العنف ضد الأطفال، تُعد المساعي العالمية التي تنتهجها الدول لحماية الأطفال من العنف وسوء المعاملة مساعي مُلحة وضرورية، ليس فقط لأنه أمانة الرحمن، وليس فقط لأنه لا حول له ولا قوة، وليس فقط لأنه لا يمكنه الدفاع عن نفسه ضد العنف الموجه نحوه، ولكن أيضــاً لأنه يمثل الجيل القادم المُخرج للبلد، لأنه مستقبل شعوب، لأنه سيكون الحامي والباني والمفكر والعالم والمخترع، وإن المؤثرات النفسية المتراكمة لدى الأطفال جراء سوء المعاملة أو التعنيف لها تبعات طويلة الأجل تؤثر على نشأتهم وسلوكياتهم ومستقبلهم وبالتالي مستقبل البلد نفسه.
فقد كانت مملكة البحرين من الدول السباقة في سن قوانين حماية الطفل حيث انضمت المملكة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة في نوفمبر 1989م، وعليه صدر المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1991م، ونصت المادة 3 من القانون الشق الثاني أن من مصالح الطفل الفضلى بأن تتعهد الدول الأطراف بأن تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين لرفاهه، مراعية حقوق وواجبات والديه أو أوصيائه أو غيرهم من الأفراد أو المسؤولين قانوناً عنه، وتتخذ تحقيقاً لهذا الغرض جميع التدابير التشريعية والإدارية الملائمة.
ومنه لابد لنا من أن نسلط الضوء على الأمهات الراعيات والحاضنات لهؤلاء الأطفال، حيث أكد الباحثون من عدة دراسات أن النساء كن اكثر عرضة لرعاية أسر ذات عائل وحيد، والمعاناة من الإجهاد المرتبط بالأطفال، وقضاء وقت اكبر في المهام المنزلية وانخفاض احترام الذات، كل هذه المؤثرات يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الإرهاق والضغط النفسي لديهن مما يسبب اختلالات وعلل نفسية، ومما يحدو بهن لأن يكن أكثر عرضة للاكتئاب، قد تكون من ضمن الحلول المقترحة التي من شأنها أن تحمي الطفل من سوء المعاملة والعنف الأسري التي قد تؤتي نتائج إيجابية هو وعي الوالدين بحدود واجباتهم تجاه الطفل وبيان سلبيات بعض السلوكيات المتبعة، وبخـــــاصة الأمهات الوحيدات المتكفلات بتربية الأبناء ورعايتهم وحدهن بسبب الانفصال أو الترمل.
قد يحتجن للتوجيه والتشخيص النفسي بشكل دوري، لو تتكفل جهة بمتابعة حالات النسوة الوحيدات وتأهيلهن نفسياً فالظروف والضغوط التي يواجهنها قد تتسبب بخلل وتراكمات نفسية تؤدي لارتكابهن أفعال خارجة عن فطرتهن، فإن الضرر الذي يقع على الطفل من أمه لا يٌعد إلا نشازاً، وإن لوحظ على سلوكها بعض الاختلالات لابد من دعمها نفسياً وتأهيلها لإعادة تقويم سلوكها حتى تصبح صالحة لإعادة تربية أبنائها وتنشئتهم، وبذلك نكسب صلاح كلا الطرفين لفائدة المجتمع، فبعض المشاكل النفسية قد تُغيب غريزة الأمومة، وبذلك لربما نستطيع أن ندرأ الضرر عن عاهة مستديمة أو عجز قد يصاب به طفل رضيع لا حول له ولا قوة، وقد نستطيع بذلك أن نحمي فلذة الأكباد من أن تكون سبب ألمهم وعجزهم وضياع مستقبلهم هي نفسها من وِضعت جنتهم تحت أقدامها.
شيخة الرويعي *وسيط قانوني معتمد"