أميرة صليبيخ




تُغريني الكتب.. أشعر ما أن أراها بأنها تُومي لي -على نحو خفي- بأن أشتريها، ثم تزداد هذه الإشارات إلحاحاً بحيث يصعب عليّ تجاهلها، فأشتريها تحت تأثير مخدرٍ ما يشيع في أنحاء المكتبة!

ومع هذا الهوس المحموم بمطاردة الكتب، فإن مكتبتي اليوم تضم ما يزيد عن 750 كتاباً، ما بين روايات ودواوين شعر وسير ذاتية وكتب رحلات، وكتب في التنمية البشرية والفلسفة وعلم الطاقة والماورائيات والصوفية، وكتب متخصصة في الإعلام والتصوير الفوتوغرافي، الطبخ، الأحجار الكريمة، وكتب من هنا وهناك حول التراث العربي، الأساطير، الحكايات الشعبية وغيرها.. إنها عالمي الصغير الآخذ في النمو.

أما الكتب فهم أصدقاء من ورق مع وقف التنفيذ، تسري بهم الحياة في اللحظة التي تمتد يدي إليهم. أتأمل الكتب فأرى عقولاً حية مرصوصة بعناية، تحمل كل ما يمكنه تغيير العالم من حولي والتحليق بي بعيداً عن الكل.

في الكتب حياة أخرى.. حياة موازية نعيشها بشغف دون أن يعرف الآخرون شيئاً عن هذه العوالم السرية التي ندخلها طواعية، إنه مكان يشبه العالم الذي دخلته أليس في بلاد العجائب، حيث تتبدى الدهشة في كل كتاب نصافحه.

أُطارد الكتب.. جديدها وقديمها وأعلم أنني لن أحظى بها جميعاً، ولكني أستمر في لحاقها لأشعر ببعض الطمأنينة والأمان. الكتب ملاذ للعابرين في الحياة مثلي، والذين يشعرون أنهم لا ينتمون لشيء سوى الورق.. الورق فقط.

هناك أُلفةٌ غريبة.. علاقة تنمو بشكل لطيف بيني وبين الكتب التي أعيد قراءتها مراراً، كأني أصبح ولية أمرها.. أترك آثار مروري عليها، أوشمها بملاحظاتي.. مشاعري.. أفكاري، وأخشى أن يطلع على عورتها أحد. لذا فإن أشد لحظاتي شراسة هي عندما تحاول يد ما أن تمتد لاستعارة كتبي الأثيرة على قلبي، فأصرخ فيهم: لا أُعير الكتب.. لا أعير أطفالي.. ولكني سأشتري لكم نسخة مشابهة!

أليس هذا ما ستفعله أي أم مكاني؟