أميرة صليبيخ




عندما تقرأ عبارة مؤثرة وعميقة، فإنك غالباً ما تغبط الكاتب لوصوله إلى هذه العبارة قبلك، على الرغم من أنها كانت دائما تدور في رأسك لكنك لم تقبض عليها، فتصرخ بحماس وتقول: نعم.. هذا ما أردت قوله تماماً! وقلة من الأدباء قادرون على جعلك تشعر بهذا الاشتعال منذ السطر الأول إلى أن تشتري الرواية القادمة.

وعندما تقرأ لكاتب فإنك تتصفح عقله وتتعرف على أكثر دهاليزه السرية تعقيداً، فتقف مُصفقاً لإمكانياته الأدبية البارعة، وتفكر ملياً: ما الذي يدور داخل عقله حتى يكتب بهذه الطريقة؟ وتبقى أنت على مدى الصفحات في رحلة بحث محمومة عن إجابة تليق بهذا السؤال العميق والمفتوح.

يقول الروائي الياباني هاروكي موراكامي والمصنف كأكثر الأدباء الأحياء تأثيراً إنه يسأل نفسه وهو جالس قبالة الحاسوب: ترى ما الذي سأكتبه اليوم؟ ويترك الكلمات تتدفق من خلاله، مستشعراً إياها بحواسه وجلده، وكأنه مجرد وسيط روحي، يستقي الإلهام من مكان ما.

ويكمن السر في تكرار روتين يومي وهو: الاستيقاظ فجرا، فالجري أو السباحة، ثم الجلوس للكتابة، ويشّكل هذا الروتين نوعا من أنواع التنويم الإيحائي الذي يسّهل التواصل مع عقله الباطن «مكمن العجائب».. فتتدفق الكتابة بسهولة كالسحر!

ويقول «إن اكتفيت بقراءة ما يقرؤه الآخرون، فستفكر حتمًا كما يفكرون»! لذا عليك دائماً أن تغذي عقلك بالقراءة المتنوعة، وتُمعن التفكير في كل ما حولك من قصص دون أن تسّلم عقلك لأحد.. وتذكر أن ما تمّر به في حياتك يُحفظ في غيابة العقل.. ولا يُمحى! وبالتأكيد ستستطيع -مثل الأدباء- أن تنكش أعماقك وتعرف ما المخبأ هناك من قصص نتظر بلهفة أن يُطلق سراحها على الورق!