رؤى الحايكيإن طرح المقال ليس بجديد، ولكن أهمية الموضوع تحتم الخوض فيه مراراً وتكراراً لعل الحال يتغير ولعل بعض القلوب تبصر النور. نعرف بأن الإنجاب وحده لا يحوّل المرأة لأم مثالية، هو فقط يولد غريزة الأمومة. أما العطاء والحب صفات تنبع من شخصية المرأة وتغرس بالتربية والممارسة منذ الصغر.هناك أمومة لا ترتبط بإنجاب أو حتى تربية بل تتفجر بصدق من طبيعة بعض النساء وماهية قلوبهن وما أنعمه الله عليهن من قدرة على العطاء يفوق الوصف. في المقابل هناك نساء تملؤهن القسوة وتتفنن في الإهمال والتجرد من الإنسانية. وكل يوم نسمع بقصص عن نساء أهملن الأطفال عن قصد وعن غير قصد، متناسين هذه النعمة التي أنعم الله بها عليهن، فهناك نساء يتمنينَ إنجاب الأطفال ولا يمكنهن ذلك.إن الحياة العصرية وتحدياتها تختبر الأم وتختبر عطاءها ومدى قدرتها على الاهتمام بأطفالها. هذه الحياة لم تغير الأمهات فقط بل غيرت الجميع لدرجة لم يعد البعض يتذكر كيف كان قبل عصر التسارع الرهيب. هل كنا نشاهد الأم منشغلة بالهاتف النقال وأطفالها يتشاجرون حول الألعاب الإلكترونية؟ هل كانت نسبة شرود الذهن ومتابعة قنوات التواصل عالية لهذه الدرجة؟ إن الانشغال بالهاتف أو شرود الذهن بسبب التوترات الناجمة عن المشاكل أو ضغوط العمل من الممكن أن تؤدي لإهمال الأطفال عن غير قصد ومع مرور الوقت تؤدي لفجوة كبيرة وفقد السيطرة على الأطفال وعلى تربيتهم وتعليمهم. لكن للأسف تقييم دور الأم لم يعد بالبساطة التي عهدناها سابقاً. فليس من المنصف أن تتعدد أدوار المرأة وتكثر مسؤولياتها ويتم تقييمها بنفس الطريقة. ولكن من سيدفع الثمن؟ مؤكد هم الأطفال، هم من سيفتقدون الحب والاهتمام والرعاية، هم من سيتراجع تحصيلهم الدراسي ومستوى أخلاقهم.إن ممارسة دور الأم أصبح معقداً وصعباً جداً في عصر يحتاج فيه الأطفال لاهتمام مضاعف ورقابه دائمة واستمرار في تعزيز مفاهيم التربية والأخلاق والعطاء والحب والوطنية والانتماء. إذن ما هو الحل؟ فالأم تخوض معترك الحياة بكامل طاقاتها وتقدم ما يمكنها تقديمه لهم بجانب دور الأب. من وجهة نظري لابد من وقفة مع النفس، وتحديد الأولويات إذا كانت الظروف الشخصية للعائلة تسمح بذلك. لابد من تقييم للذات ومحاسبتها قبل أن يحاسبها أحد، فكل ذات أخبرت بما يجب أن تفعله وما تستطيع أن تفعله. ليس الهدف هنا هو النقد بل التشجيع على مواجهة ما يحدث معنا وتقليل المسؤوليات إن أمكن ذلك حتى يتسنى للأم أن تقوم بدورها الأساسي وضميرها مرتاح، فالأبناء مسؤولية تحتم مراجعة النفس وتقييم عطائها ونوعيته بصفة دورية.