رئيفة عبدالعزيز
إنّ أغلب الإبداعات والاختراعات والابتكارات التي تُساعد على تحسين مستوى الحياة البشريّة وتطويرها وإعمار الأرض في معظم الجوانب الحياتيّة تأتينا من مجتمعات متفتّحة ومتحرّرة نوعاً ما!!! ومن فئة معيّنة من النّاس!!! بينما مجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة بالذات أملها الوحيد هو التّرقُب للجديد والانتظار لاستقبال كل ما يمنحهم الحياة المريحة والمرفّهة من المجتمعات الأخرى!!! تُرى ما هو سّبب التّفاوت في ذلك؟؟ ولماذا تبدو مجتمعاتنا عديمة الفائدة بالنّسبة إلى المجتمعات الأخرى؟
السّبب الرئيس من وجهة نظري هو؛ ليس لأنّ أصحاب تلك الاختراعات والإبداعات قد ميّزهُم الله بعقول أكبر وعبقريّة مستثنية عن غيرهم!! بل لأنّهم نشؤوا في مجتمع منحهُم الحريّة الكاملة في الحياة حيثُ جعلهم يتناغمون معها بتدفّقٍ عالٍ جداً منذُ طفولتهم، فتلك الحرّيّة التي سمحت لقوّة أرواحهم أن ترشدهم إلى الطريق المُختصر والمناسب لهم حتّى مكّنتهم من إظهار إبداعاتهم وقدراتهم، وهي من الأمور الأساسيّة لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم ولرُبّما للبشريّة بأكملها.
فما يحصل في مجتمعاتنا من تأخر وتخلّف وجهل وكسل وإحباط وضعف وإلخ.. هي من الأمور التي سبّبتها كبت الحرّيّة وتقييدها من باب بعض المُحرّمات والعار والعادات والتّقاليد التي جعلت جميع أفراد المجتمع على سجيّة واحدة، التي جعلتهم يفكّرون ويعيشون على برمجة واحدة هي من خلق الوعي الجمعي الذي يغدو ثابتاً وراسخاً دون أي تجديد أو تطوير، الذي جعل حياة النّاس مجدولةً ما بين خطوات عمل وتنفيذ من بدء الولادة حتّى الممات، خطّة واحدة لمجتمعٍ كامل!!!!
فكم وكم من أشخاص عاشوا على نفس الخطّة الموضوعة لهم وماتوا عليها دون استخراج مواهبهم ومكنوناتهم الدّاخلية التي وهبهم الله إيّاها.
قد لا نستطيع تغيير المجتمع بأكمله ولكنّنا نستطيع أن نخلق لأنفسنا وعياً جديداً خاصاً بنا متبصراً وليس تابعاً أعمى، نستطيع اتّخاذ قرارات تناسبنا وترضينا لا أن تناسب وترضي المجتمع، نستطيع التّحرر من أحكام الناس علينا وعدم السّماح لهم بالتأثير على قراراتنا واختياراتنا، نستطيع منح أطفالنا حرّيتهم وتنمية مواهبهم وتفعيل خاصّيّتهم بما يتوافق مع قدراتهم الممكنة (فلنبدأ بخلق وعي جديد خاص ومناسب لنا، لا برمجة عامّة لمجتمع كامل).