بقلم: أميرة صليبيخ
أتيتَ للحياة صفحةً بيضاء ناصعة. لم تختر أن تُضيف لها أي لون أو شكل، فتكفّل الأهل بذلك، وقاموا بوضع قائمة أحلامهم وطموحاتهم كلها فيك.. في صفحتك البيضاء وتوقعوا أن تحقق لهم الطموح الذي لم يصلوا له يوماً، فحملت أنت هذه المسؤولية المبكرة، ومن هنا بدأت المعاناة. معاناة سعيك في أن تطابق معاييرهم، معاناة أن تكون نسخة من خيالاتهم، وأن تكون شخصاً آخر لا يشبهك.. بل يشبه الشخص الذي في رأسهم!
ثم انتقلت لك عدوى التوقعات، وورثتها منهم بشكلٍ غير واعٍ وسرعان ما بدأت في ممارسة هذا الدور على الآخرين. فعندما أنهيت دراستك الجامعية وبدأت بالبحث عن الوظيفة كانت توقعاتك عالية، وكنت ترى أنك الوحيد الأنسب والأجدر للحصول على هذه الوظيفة. وعندما بدأت مسيرتك المهنية اصطدمت بالواقع الذي أعادك لرشدك وذكرك بأن توقعاتك كانت أعلى من اللازم وأنه عليك ألا تضع أياً منها من الأساس.. لأن الحياة ليست بالسهولة التي صورتها لك أفلام هوليوود.
ثم أخذتك الحياة لمسار آخر، وبدأت في ملء صفحتك بالأحلام الوردية المتعلقة بالزواج، وسرعان ما أخذت التوقعات بالارتفاع وصولاً لسقف السماء، وعشت فيلماً رومانسياً طويلاً واضعاً توقعاتك في شريك الحياة الذي لا بد أن يكون مثالياً مثل الشخص الذي يعيش معك في خيالك، ثم اكتشفت أن الحياة لا تشبه أي شيء مما يدور في عقلك، وربما أدركت بعد عدة تجارب أنك ظلمت نفسك بأفكار غير واقعية وتماديت في الحلم حتى سقطت في بئر من العذاب اللامتناهي.
الحقيقة هي أن كل هذه المعاناة والألم الذي قاسيته طوال السنوات كانت مصدره أنت .. أنت من قبلت أن تتماشى مع توقعات الآخرين منك، أنت من وضعت توقعات عالية.. أنت من عاش رهيناً لتوقعاته متجاهلاً إشارات العالم الواقعي!
تذكر أن التوقعات شاهقة العلو غالباً ما يكون السقوط منها مدوياً وموجعاً. وخذ مني هذه النصيحة بأنه عليك أن تخلع سقف توقعاتك وتمضي بلا توقعات حتى يكون عبء قلبك أخف. فلا تتوقع أي شيء من أي شخص، وعش خالي البال معدوم التوقعات .. ذلك أفضل لسلامة جهازك العصبي. وإن أردت أن تتوقع أموراً أكبر من حدود السماء فتوقع ذلك من مصدر واحد فقط .. من الله وحده.
{{ article.visit_count }}
أتيتَ للحياة صفحةً بيضاء ناصعة. لم تختر أن تُضيف لها أي لون أو شكل، فتكفّل الأهل بذلك، وقاموا بوضع قائمة أحلامهم وطموحاتهم كلها فيك.. في صفحتك البيضاء وتوقعوا أن تحقق لهم الطموح الذي لم يصلوا له يوماً، فحملت أنت هذه المسؤولية المبكرة، ومن هنا بدأت المعاناة. معاناة سعيك في أن تطابق معاييرهم، معاناة أن تكون نسخة من خيالاتهم، وأن تكون شخصاً آخر لا يشبهك.. بل يشبه الشخص الذي في رأسهم!
ثم انتقلت لك عدوى التوقعات، وورثتها منهم بشكلٍ غير واعٍ وسرعان ما بدأت في ممارسة هذا الدور على الآخرين. فعندما أنهيت دراستك الجامعية وبدأت بالبحث عن الوظيفة كانت توقعاتك عالية، وكنت ترى أنك الوحيد الأنسب والأجدر للحصول على هذه الوظيفة. وعندما بدأت مسيرتك المهنية اصطدمت بالواقع الذي أعادك لرشدك وذكرك بأن توقعاتك كانت أعلى من اللازم وأنه عليك ألا تضع أياً منها من الأساس.. لأن الحياة ليست بالسهولة التي صورتها لك أفلام هوليوود.
ثم أخذتك الحياة لمسار آخر، وبدأت في ملء صفحتك بالأحلام الوردية المتعلقة بالزواج، وسرعان ما أخذت التوقعات بالارتفاع وصولاً لسقف السماء، وعشت فيلماً رومانسياً طويلاً واضعاً توقعاتك في شريك الحياة الذي لا بد أن يكون مثالياً مثل الشخص الذي يعيش معك في خيالك، ثم اكتشفت أن الحياة لا تشبه أي شيء مما يدور في عقلك، وربما أدركت بعد عدة تجارب أنك ظلمت نفسك بأفكار غير واقعية وتماديت في الحلم حتى سقطت في بئر من العذاب اللامتناهي.
الحقيقة هي أن كل هذه المعاناة والألم الذي قاسيته طوال السنوات كانت مصدره أنت .. أنت من قبلت أن تتماشى مع توقعات الآخرين منك، أنت من وضعت توقعات عالية.. أنت من عاش رهيناً لتوقعاته متجاهلاً إشارات العالم الواقعي!
تذكر أن التوقعات شاهقة العلو غالباً ما يكون السقوط منها مدوياً وموجعاً. وخذ مني هذه النصيحة بأنه عليك أن تخلع سقف توقعاتك وتمضي بلا توقعات حتى يكون عبء قلبك أخف. فلا تتوقع أي شيء من أي شخص، وعش خالي البال معدوم التوقعات .. ذلك أفضل لسلامة جهازك العصبي. وإن أردت أن تتوقع أموراً أكبر من حدود السماء فتوقع ذلك من مصدر واحد فقط .. من الله وحده.