نجحت مجموعة سيتي لكرة القدم في شراء نادٍ أوروجوياني مغمور يدعى أتلتيكو توركي لينضم للمجموعة الإماراتية العملاقة -المملوكة لشركة أبوظبي المتحدة- والتي استمدت شهرتها بالأساس بعد شرائها لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم في عام 2008 مقابل 210 مليون جنيهاً إسترلينياً.

صفقة ضم أتلتيكو توركي لم يجف حبرها بعد، فقد تم توقيعها في الخامس من أبريل الماضي وهي الصفقة التي تستهدف بالأساس زيادة قدرة المجموعة الاستثمارية على استكشاف المواهب في أمريكا اللاتينية المعروفة بأنها أهم منبع للمواهب في العالم.

سعي الإماراتيين الحثيث نحو المواهب اللاتينية لم يتوقف، إذ لم تمضِ ساعات عقب إعلان مجموعة سيتي عن صفقة النادي الأوروجوياني حتى تم الإعلان عن التوصل لاتفاق مع نادي أتلتيكو فنزويلا للتعاون فيما بينهما، فقد طار مسؤولو النادي الفنزويلي إلى مانشستر ليعلنوا من هناك عن اتفاقية تعاون تقضي بمساعدة المجموعة لهم بالأدوات الرياضية والتوجيهات والخبرات اللازمة وبالطبع لن يلزمك الكثير من الذكاء لتفهم أن مواهب النادي الفنزويلي وما حوله قد باتت في جيب الشركة الإماراتية للاستفادة منها في أنديتها المتعددة حول العالم.

كيف بدأ الأمر؟

لنعد للأصل.. انطلقت مجموعة سيتي من الإمارات في 2008 لتقوم بخطوتها الكبرى بشراء نادي مانشستر سيتي الإنجليزي من المالك السابق التايلاندي للنادي.

استغلت المجموعة –المملوكة للشيخ منصور بن زايد آل نهيان- عدم وجود سقف للصرف لتقوم بدفع الكثير من الأموال على مرافق النادي وجلب الكثير من اللاعبين الشهيرين في الأعوام الأولى وذلك أملاً منها في تعزيز قيمة النادي وزيادة أرباحه حتى وصلت مجموعة خسائر الشركة من 2008 لـ 2014 ما يقارب الـ535 مليون جنيهاً استرلينياً، لكن كان هذا أمراً طبيعياً وضرورياً لتحويل السيتي إلى إمبراطورية رياضية تدر المال الوفير والأرباح. ومع تزايد عدد صفقات الشراء الكبرى للأندية الأوروبية عزم الاتحاد الأوروبي بقيادة ميشيل بلاتيني آنذاك على تطبيق قانون اللعب المالي النظيف والذي قوض كثيراً من عمليات الصرف بدون أرباح موازية.

الأرقام تتحدث

لكن السيتي بقيادة رئيسه خلدون المبارك كان قد دشن بالفعل أساس نجاح النادي والشركة لتشهد أرباح الأخيرة طفرة عملاقة. فبحسب موقع «كومباني تشك» البريطاني فإن أرباح مجموعة سيتي ارتفعت من 205 مليون جنيهاً استرلينياً في عام 2013 –وهو رقم مرتفع أصلاً مقارنة بما كانت عليه قيمة أندية المجموعة قبل وصول الشركة- إلى 573 مليون جنيه إسترليني في عام 2016.

وصحيح أن المديونية قد ارتفعت هي الأخرى من 128 مليون جنيه إسترليني إلى 198 مليون جنيه إسترليني بين نفس الفترتين إلا أن هذا اقتصادياً لا يمثل الشيء الكبير بالنظر إلى أن أصول الشركة قد ارتفعت هي الأخرى من 148 مليون جنيه إسترليني إلى 414 مليون جنيه إسترليني وكذلك ارتفعت السيولة المالية في الشركة من 14 مليون جنيه إسترليني إلى 243 مليون جنيه إسترليني، وكل هذه الأرقام بين نفس الفترتين المذكورتين آنفاً وطبقاً لنفس الموقع.

لكن الرقم الأهم الذي يمكن رصده هو أن نادي مانشستر سيتي قد أعلن عن تسجيله لمكاسبه للعام الثاني على التوالي وذلك بعد أعوام من الصرف المستمر من مجموعة سيتي دون تحقيق صافي أرباح وذلك بعدما صرفت الشركة مليار و230 مليون جنيه إسترليني منذ عام 2008 وحتى منتصف عام 2016 تقريباً.

وصحيح أن هناك بعض الشركات التي تمتلك أكثر من نادٍ في أوروبا، إلا أنها أغلبها أندية مغمورة لأنه دائماً ما تصطدم تلك الشركات بالقانون الذي يمنع فيه الاتحاد الأوروبي من مشاركة ناديين مملوكين لنفس الشركة في نفس البطولة القارية.

ولأن مجموعة سيتي تبدو طموحة لتحويل كل أنديتها إلى أندية عملاقة، فإنها اتخذت قرارها بالاستثمار حول العالم وليس فقط في أوروبا فقد طارت عبر الأطلنطي لتحط الرحال عند بلاد العام سام وتحديداً في أكثر مدنها صخباً لتضم شركة سيتي نادي نيويورك سيتي إلى امبراطوريتها.

ولم تمض شهور قليلة حتى توسعت الشركة أكثر لتقوم بشراء نادي ملبورن هارت مقابل 12 مليون جنيه إسترليني في مطلع عام 2014 وهو المبلغ الذي كفل لها الحصول على 80% من أسهم النادي مقابل استحواذ رجل أعمال محلي اسمه ملبورن ستورم على الحصة الباقية من النادي قبل أن يتم تحويل اسم النادي إلى ملبورن سيتي ليناسب التوجه الجديد الخاص باسم الشركة.

وقد يرى البعض أن نادي يوكوهاما مارينوس الياباني قد تم استثنائه من عملية تغيير الأسماء إلا أن الحقيقة أن مجموعة سيتي استحوذت حتى الآن على 20% فقط من أسهم النادي لكن يعتقد كثيرون أنها ما هي إلا خطوة للاستحواذ على أكثر من 50% من أسهم النادي الياباني الشهير.

أين المشروع القادم

وبالنظر للجنون الحادث في الدوري الصيني في سوق انتقالاته، فإننا قد نرى مجموعة سيتي تتواجد في هذه المعمعة خاصة إذا علمنا أن المجموعة ليست إماراتية 100% بل إن 13% من أسهمها مملوكة لشركة صينية تُدعى تشاينا ميديا كابيتال.

الحقيقة أن تجربة مجموعة سيتي تجربة تستحق الاهتمام وتدفعنا دفعاً للتساؤل حول ما إذا كانت الانتقادات الموجهة إلى العرب في استثماراتهم في كرة القدم منطقية أم لا، ففي النهاية المجموعة لا تخسر بل باتت تحقق أرباحاً هائلة وهو ما يعد استثماراً جيداً جداً في عالم لم يعد مجرد لعبة بل تحول للعبة اقتصادية كبيرة الأكيد أن مجموعة سيتي استثمرتها بشكل جيد.

أحمد عطا