عندما تم سؤال النجم الأرجنتيني باولو ديبالا عن تشبيهه بميسي فرد قائلاً «الناس يجب أن تعلم أني لست ميسي، بالرغم من تفهمي لوجود مقارنات عديدة، ولكن ميسي يظل هناك بمفرده، الأمر نفسه مع مارادونا، فاستنساخ لاعبين مثلهم أمر غير ممكن».. من الواضح أن ديبالا بهذا التصريح يريد أن تكون له أيقونته الخاصة التي لا تشبه الآخرين، بيد أن الواقع يشير إلى أن ديبالا سيلعب الدور الذي لعبه ميسي، إذ سيكون ديبالا هو خليفة ميسي، كما كان ميسي خليفةً لمارادونا!!.

في هذه المساحة سنتحدث عن حكاية نادرة، طويلة وجميلة، يتشابه فيها السيناريو مع انتهاء كل فصل منها، ولا توجد فوارق كثيرة في النصوص إلا ببعض التفاصيل الصغيرة، ويتشابه أبطالها بنفس القدرات الفنية وحتى في مسقط رأس كلاً منهم!!.

أول فصل من الحكاية يبدأ بدييغو مارادونا، هذا الفتى الذي صنع بموهبته وسحره وعبقريته مفهوماً جديداً لكرة القدم، بل إنه أعاد اختراع كرة القدم نفسها حتى تم الاتفاق على أنه أعظم من لمس المستديرة.. مارادونا الذي وزع المتعة وجعل الجماهير تتراقص فرحاً في مونديال المكسيك 1986..مارادونا هو الذي حول النادي الإيطالي الفقير نابولي إلى أسطورة آنذاك عندما قاده لصنع المجد محلياً وأوروبياً بعد كان يترنح في إيطاليا!!.

بعد اعتزال مارادونا، ظن الجميع أن موهبته وإبداعاته لن يكون لها مثيل وسينتهي سحره بصفحات التاريخ الذي حفر اسمه بأحرفٍ من ذهب..فالجميع كان يؤمن بأن أيقونة مارادونا الخاصة لن تتكرر..إلى أن ظهر النجم الجديد ليونيل ميسي الذي قدم -ومازال- نفس السحر والموهبة والإبداع كما مارادونا نفسه..فالبرغوث هو الخليفة الشرعي لمارادونا ومن استطاع إعادة سحره ولو كان منقوصاً من بعض الخفايا!!.

ميسي لم يقل كثيراً عن مارادونا، بل إن البعض يراه قد تجاوزه ببعض التفاصيل حتى وإن خالف ذلك منطق كرة القدم الذي يعترف بأن مارادونا وما قدمه لن يستطيع أي لاعب تقديمه، فميسي قد حقق مع برشلونة المستحيل وقاد الفريق لإحراز العديد من الألقاب المحلية والقارية، واستطاع بمهاراته وفنياته من أن يصبح الهداف التاريخي للأرجنتين ومتجاوزاً مارادونا نفسه في عدد الأهداف مع التانغو، وقاد الأرجنتين لأول مباراة نهائية في كأس العالم عندما عجز الجميع منذ اعتزال مارادونا، ناهيك على أنه اللاعب الوحيد في التاريخ من استطاع الفوز بالكرة الذهبية خمس مرات!!.

وها نحن اليوم مع فصل جديد من هذه الحكاية الممتعة، الفصل الذي يحمل عنوان باولو ديبالا، النجم القادم بكل قوة للساحة الكروية والذي قال عنه مارادونا نفسه بأنه سيصبح ظاهرة في كرة القدم وسيسير على خطى ميسي، فديبالا كما مارادونا وميسي.. صغير الحجم، ديناميكي ومسلح بقدم يسرى قاتلة، لكن ما ينقصه تواضع سجله مقارنةً بهما.. فهو مازال في بداية المشوار ومن الممكن أن يكون التاريخ بين قدميه!!.

خلاصة كل ما مضى، إن من عجائب كرة القدم أنها انتجت ثلاثة لاعبين من نفس البلد ويتشابهون في المواصفات والفنيات.. من بنية جسمانية صغيرة، إلى مرونة جسدية هائلة، انتهاءً بأقدام «يسارية» فتاكة.. أي انهم لا يختلفون إلا في اسمائهم وكأنهم أنجبوا من رحم واحد!!.