بعيداً عن البطولات العالمية التي ينظمها كل عام، يعتبر كونجرس الفيفا أحد الأحداث التي يترقبها عالم كرة القدم، حيث تشهد هذه الاجتماعات مناقشة وإصدار القرارات المتعلقة بالنظام الذي يحكم الفيفا والطرق التي يتم فيها تنفيذها وتطبيقها، كما تتم الموافقة على التقرير السنوي وقبول اتحادات وطنية جديدة بالإضافة إلى تنظيم الانتخابات التي يعتبر في مقدمتها انتخاب رئيس الفيفا.
منذ تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم كان الكونجرس، بوصفه الهيئة التشريعية لـلفيفا، مسرحاً لكل القرارات التنظيمية المهمة في عالم كرة القدم، حيث يُعتبر الجهاز الأعلى في المنظمة، ويتحمل مسؤولية خاصة لتطوير اللعبة التي تغيّرت طبيعتها في شكل ملحوظ منذ إنشاء الفيفا في 21 مايو 1904 حين وقّع ممثلون من فرنسا وبلجيكا والدنمارك وهولندا وريال مدريد والسويد وسويسرا الميثاق التأسيسي في باريس.
وقد عرفت الاجتماعات السابقة قرارات هامة وتاريخية، ويمكن التعرف على أبرزها من خلال هذه الرحلة عبر تاريخ إجتماعات كونجرس الفيفا.
الكونجرس الأول، باريس، 1910: التأسيس
التقى ممثلون عن الدول السبع المؤسسة – بلجيكا، الدنمارك، فرنسا، هولندا، إسبانيا، السويد وسويسرا – بين 21 و23 مايو في 229 شارع سانت اونوريه، باريس، للتوقيع على قانون التأسيس، تحديد أول نظام أساسي لـ "الفيفا"، والتصويت بالاجماع للفرنسي روبير جيران كأول رئيس له.
الكونجرس السابع، ميلانو 1910: الوصول إلى ما وراء أوروبا
بدأ الطابع العالمي للفيفا يتبلور بين 15 و16 مايو 1910، عندما أيّد كونجرس الفيفا، آنذاك برئاسة الإنجليزي دانيال بورلي وولفال، انضمام اتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم، كأول عضو من خارج القارة الأوروبية.
الكونجرس الـ18، برشلونة، 1929: أوّل كأس عالم
حضر 23 اتحاداً عام 1929 عندما تمّ منح كأس العالم FIFA لأول مرة. بعد 12 شهراً فقط على مناقشتها لأوّل مرة في الكونجرس السابق في أمستردام، بدأ يتحقق حلم جول ريميه بإقامة بطولة دولية، وأعلنت الأوروجواي مضيفة للحدث الافتتاحي في العام التالي.
الكونجرس الـ21، ستكوهولم، السويد، 1932: مقر جديد لـلفيفا
كان منح إيطاليا استضافة النسخة الثانية من كأس العالم أحد القرارات المهمة المتخذة في كونجرس 1932 ، والذي تم خلاله نقل مقرّ الفيفا إلى زيوريخ في سويسرا حيث لا يزال حتى الآن.
الكونجرس الـ25، لوكسمبورج، 1946: عودة البريطانيين
وُصفت الدقائق الأولى من كونجرس الفيفا الأول بعد الحرب العالمية الثانية بأنها "واحدة من الأهم أكثر من أي وقت مضى". لا عجب، فقد أطلق اسم الرئيس جول ريميه على الكأس المخصصة لكأس العالم، كما أعلن عن استضافة البرازيل وسويسرا النسختين المقبلتين من نهائيات كأس العالم، والأهم من ذلك عودة أربعة اتحادات بريطانية، أنجلترا، أيرلندا الشمالية، ويلز واسكتلندا، الى الفيفا بعد غياب دام 20 سنة.
الكونجرس الـ32، روما، 1960: الظهور الأفريقي
حتى 1960 لم ينضم إلى الفيفا سوى عدد محدود من الدول الأفريقية، وتميز كونجرس روما بزيادة هذا العدد، مع قبول نيجيريا، سيراليون، أوغندا، كينيا، المغرب وتونس.
اتخذ كونجرس الفيفا آنذاك موقفاً حازماً بشأن لمكافحة التمييز مع الإقرار بأن "مباريات كرة القدم يجب أن تكون مفتوحة أمام كل الناس، بغض النظر عن العرق أو الدين".
الكونجرس الـ46، زيوريخ، 1988: اللعب النظيف
كانت حملة اللعب النظيف نقطة محورية في كونجرس الفيفا الـ46، والمتحدث باسمها كان مناسباً بشخص بيليه، الذي انضم إلى أمين عام الفيفا آنذاك جوزيف بلاتر لتقديم المبادرة بهدف نشر الرسالة عن طريق الاتحادات القارية والجمعيات الأعضاء.
الكونجرس الـ50، زيوريخ، 1996: انضمام فلسطين
في عالم مليء بالمتغيرات الجيوسياسية الكبرى، نتج عن كونجرس 1996 قرارات مهمة، خصوصاً التصديق على عضوية الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، مع 170 صوتاً مقابل 1، والاعتراف باتحاد أوقيانيا لكرة القدم كاتحاد قاري منفصل.
بعد انتخابه لأربع سنوات جديدة رئيساً للاتحاد الدولي، تقدّم جوزيف بلاتر إلى كونجرس الفيفا بمجموعة من الاقتراحات من حيث الحكم الرشيد، الشفافية وعدم التسامح مع المخالفات داخل وخارج أرض الملعب. بعد الاجتماع، وافقت اللجنة التنفيذية على عملية شملت إنشاء أربعة فرق عمل مكلفة باقتراح إصلاحات، إنشاء لجنة مستقلة للحوكمة، وإنشاء خريطة طريق لسنتين للحكم الرشيد في الفيفا.
الكونجرس الاستثنائي - زيوريخ 2016: رئيس جديد
وافقت الاتحادات الأعضاء على مجموعة من الإصلاحات التاريخية التي مهدّت الطريق لإدخال تحسينات كبيرة على حوكمة كرة القدم العالمية، كما تم اختيار جياني إنفانتينو رئيساً تاسعاً للفيفا في الكونجرس الاستثنائي عام 2016 في زيوريخ.
وحظيت الإصلاحات بدعم 179 من الاتحادات الأعضاء الـ207 الحاضرة والتي يحق لها التصويت في الكونجرس الاستثنائي في زيوريخ، واستندت الإصلاحات إلى المقترحات التي تقدمت بها لجنة الإصلاح ، والتوصيات اللاحقة التي أحالتها اللجنة التنفيذية على الكونجرس في شكل مسودة لنظام الفيفا الأساسي.
وتمثل هذه الإصلاحات خطوة أساسية نحو تحديث الثقافة المؤسسية للفيفا في مجالات رئيسة مثل الفصل الواضح بين المهام السياسية والإدارية وتحديد مدة الولاية والكشف عن التعويضات الفردية وزيادة نطاق الاعتراف بدور المرأة في كرة القدم وتعزيز انخراطها في اللعبة، إلى جانب الالتزام بتكريس حقوق الإنسان في نظام الفيفا الأساسي.
الكونجرس الـ66، مكسيكو 2016: عهد جديد
أسس كونجرس الفيفا السادس والستون لانطلاق عهدٍ جديدٍ بالنسبة لكرة القدم العالمية، وذلك بعد الإعلان عن "خطوة تغيير" على مستوى استثمار الفيفا في التنمية الكروية، وتعيين فاطمة سامورا أمينة عامة للفيفا، والتقدم الحاصل في تنفيذ مسلسل الإصلاحات بالإضافة إلى إطلاق برنامج الأساطير.
كما تم تقديم برنامج الفيفا المتقدم الذي يُعدّ بمثابة تعديلٍ شاملٍ لبرامج الفيفا لتطوير كرة القدم، ويُوفر هذا البرنامج دعماً كاملاً وتاماً لتطوير اللعبة في جميع الاتحادات الأعضاء والاتحادات القارية الستة، حيث يقوم الفيفا بزيادة كبيرة في الاستثمار تصل إلى 5 ملايين دولار لكل دورة تتكون من أربع سنوات لكل اتحاد من أجل تمويل مشاريع كروية ودعمٍ يخص المصاريف الجارية.